الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 93 ] 361 - ( 2126 ) - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : أتينا جابر بن عبد الله وهو ببني سلمة ، فسألناه عن حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقامبالمدينة تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاج في هذا العام ، فنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويفعل ما يفعل ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة ، وخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع ؟ فقال : اغتسلي واستثفري بثوب ، ثم أهلي ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، ولبى الناس ، والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلا يقول لهم شيئا ، فنظرت مد بصري بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من راكب وماش ، ومن خلفه مثل ذلك ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، قال جابر : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شيء عملناه ، قال : فخرجنا لا ننوي إلا الحج ، حتى [ ص: 94 ] إذا أتينا الكعبة استلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر الأسود ، ثم رمل ثلاثة ، ومشى أربعة ، حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم ، فصلى خلفه ركعتين ، وقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال : أي فقرأ فيهما بالتوحيد و قل يا أيها الكافرون ، ثم استلم الحجر ، ثم خرج إلى الصفا ، ثم قال : نبدأ بما بدأ الله به وقرأ : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فرقى على الصفا ، حتى إذا نظر إلى البيت كبر ، ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، وصدق عبده ، وهزم أو غلب الأحزاب وحده ، ثم دعا ورجع إلى هذا الكلام ، ثم نزل حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل ، حتى إذا صعد مشى ، حتى إذا أتى المروة فرقى عليها ، حتى إذا نظر إلى البيت قال عليها كما قال على الصفا ، ولما كان السابع بالمروة قال : يا أيها الناس ، إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ، فمن لم يكن معه هدي فليحلل ، وليجعلها عمرة ، فحل الناس كلهم ، فقال سراقة بن جعشم : يا رسول الله ، ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : فشبك النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه قال : بل للأبد ، ثلاث مرات ، دخلت [ ص: 95 ] العمرة في الحج إلى يوم القيامة .

وقدم علي من اليمن ، فقدم معه بهدي ، وساق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه هديا من المدينة ، فإذا فاطمة قد حلت ولبست ثيابا صبيغا ، واكتحلت ، وقالت : أمرني أبي ، فأنكر ذلك علي عليها .

قال : قال جعفر : هذا الحرف لم يذكره جابر بن عبد الله قال علي بالكوفة : فانطلقت محرشا أستثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذي ذكرت فاطمة ، فقلت : يا رسول الله ، إن فاطمة قد حلت ولبست ثيابا صبيغا ، واكتحلت ، وقالت : أمرني به أبي ، قال : صدقت صدقت صدقت ، أنا أمرتها به .

ثم رجع إلى حديث جابر ، فقال لعلي : بم أهللت ؟ قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ، ومعي الهدي ، قال : فلا تحل ، قال : وكان جماعة الهدي الذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي أتى به علي مائة ، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ثلاثة وستين ، وأعطى عليا ، فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها .

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد نحرت هاهنا ، ومنى كلها منحر ، ووقف ثم قال : قد وقفت هاهنا ، وعرفة كلها موقف ، ووقف بالمزدلفة فقال : قد وقفت هاهنا ، والمزدلفة كلها موقف .
 


التالي السابق


الخدمات العلمية