606 - ( 4962 ) - حدثنا ، حدثنا أبو همام عوبد ، عن ، عن أبيه قال : ابن بابنوس أم المؤمنين ، فقال لها رجل منا : يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك ؟ قالت : وما العراك ؟ المحيض هو ؟ قال : نعم ، قالت : فهو المحيض كما [ ص: 369 ] سماه الله ، قالت : كأني إذا كان ذاك اتزرت بإزاري ، فكان له ما فوق الإزار . فأنشأت تحدثنا ، قالت : ما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بابي يوما قط ، إلا قد قال كلمة تقر بها عيني . قالت : فمر يوما فلم يكلمني ، ومر من الغد فلم يكلمني ، قالت : ومر من الغد فلم يكلمني ، ومر من الغد فلم يكلمني ، قلت : وجد علي النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء ، قالت : فعصبت رأسي ، [ ص: 370 ] وصفرت وجهي ، وألقيت وسادة قبالة باب الدار ، فاجتنحت عليها ، قالت : فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلي ، فقال : ما لك يا عائشة ؟ قالت : يا رسول الله ، اشتكيت وصدعت قال : يقول : بل ، وارأساه ، قالت : فما لبثت إلا قليلا ، حتى أتيت به يحمل في كساء ، قالت : فمرضته ، ولم أمرض مريضا قط ، ولا رأيت ميتا قط ، قالت : فرفع رأسه ، فأخذته فأسندته إلى صدري . عائشة
قالت : فدخل ، وبيده سواك أراك رطب ، قالت : فلحط إليه ، قالت : فظننت أنه يريده ، فأخذته ، فنكثته بفي ، فدفعته إليه ، قالت : فأخذه ، فأهواه إلى فيه ، قالت : فخفقت يده ، فسقط من يده ، ثم أقبل بوجهه إلي حتى إذا كان فاه في ثغري ، سال من فيه نقطة باردة اقشعر منها جلدي ، وثار ريح المسك في وجهي ، فمال رأسه ، فظننت أنه غشي عليه . أسامة بن زيد
قالت : فأخذته فنومته على الفراش ، وغطيت وجهه ، قالت : فدخل أبي أبو بكر ، فقال : كيف ترين ؟ فقلت : غشي عليه ، فدنا منه ، فكشف عن وجهه ، فقال : يا غشياه ما أكون هذا بغشي ، ثم كشف عن وجهه ، فعرف الموت ، فقال : [ ص: 371 ] إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم بكى ، فقلت : في سبيل الله انقطاع الوحي ودخول جبريل بيتي ، ثم وضع يديه على صدغيه ، ووضع فاه على جبينه ، فبكى ، حتى سال دموعه على وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم غطى وجهه ، وخرج إلى الناس ، وهو يبكي ، فقال : يا معشر المسلمين ، هل عند أحد منكم عهد ، بوفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
قالوا : لا ، ثم أقبل على عمر ، فقال : يا عمر ، أعندك عهد بوفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا قال : والذي لا إله غيره ، لقد ذاق الموت ، ولقد قال لهم : إني ميت ، وإنكم ميتون ، فضج الناس ، وبكوا بكاء شديدا ، ثم خلوا بينه وبين أهل بيته ، فغسله ، علي بن أبي طالب يصب عليه الماء ، فقال وأسامة بن زيد علي : ما نسيت منه شيئا لم أغسله إلا قلب لي حتى أرى أحدا فأغسله من غير أن أرى أحدا ، حتى فرغت منه ، ثم كفنوه ببرد يماني أحمر ، وريطتين قد نيل منهما ثم غسلا ، ثم أضجع على السرير ، ثم أذنوا للناس ، فدخلوا عليه فوجا فوجا يصلون عليه بغير إمام ، حتى لم يبق أحد بالمدينة حر ، ولا عبد إلا صلى عليه ، ثم تشاجروا في دفنه ، أين يدفن ؟ فقال بعضهم : عند العود الذي كان يمسك بيده ، وتحت منبره .
وقال بعضهم : في البقيع ، حيث كان يدفن موتاه .
فقالوا : لا نفعل ذلك ، إذا لا يزال عبد أحدكم ووليدته [ ص: 372 ] قد غضب عليه مولاه فيلوذ بقبره ، فيكون سنة ، فاستقام رأيهم على أن يدفن في بيته ، تحت فراشه حيث قبض روحه ، فلما مات أبو بكر ، دفن معه ، فلما حضر الموت ، أوصى قال : إذا ما مت ، فاحملوني إلى باب بيت عمر بن الخطاب ، فقولوا لها : هذا عائشة ، يقرئك السلام ، ويقول : أدخل أو أخرج ؟ قال : فسكتت ساعة ، ثم قالت : أدخلوه ، فادفنوه ، معه ، عمر بن الخطاب أبو بكر عن يمينه ، عن يساره ، قالت : فلما دفن وعمر عمر ، أخذت الجلباب ، فتجلببت به قال : فقيل لها : ما لك وللجلباب ؟ قالت : كان هذا زوجي ، وهذا أبي ، فلما دفن عمر تجلببت دخلت أنا ورجلان آخران على .