[ ص: 79 ] باب
ذكر أحكام نقط المدغم
واعلم أن ما أدغم من الحروف في مثله أو مقاربه بإجماع ، أو ما أدغم في مقاربه فقط باختلاف ؛ فحكمه أن يعرى الحرف الأول من المدغم من علامة السكون ، وأن يجعل على الحرف الثاني المدغم فيه علامة التشديد . فيؤذن بذلك بالإدغام الذي بابه أن ينقلب لفظ الحرف الأول فيه إلى لفظ الحرف الثاني ، ويرتفع اللسان بهما ارتفاعة واحدة ، ويلزم موضعا واحدا .
فالمجمع عليه من الإدغام نحو قوله : فما ربحت تجارتهم ، و فقلنا اضرب بعصاك ، و ما لم تستطع عليه ، و فلا يسرف في القتل ، و قالت طائفة ، و همت طائفتان ، و فآمنت طائفة ، و أم أردتم ، و راودتن ، و ألم نخلقكم ، وشبهه .
والمختلف فيه نحو قوله : اتخذتم ، و أخذتم ، و يعذب من يشاء ، [ ص: 80 ] و قد جعل ، و قد سمع ، و " إذ زاغت " ، وشبهه .
فصل
فأما ما أجمع عليه أئمة القراءة من إدغام الطاء الساكنة في التاء ، وتبقية صوت الطاء مع الإدغام ؛ لئلا يخل بالطاء ، وذلك في نحو قوله : لئن بسطت ، و أحطت ، و فرطت ، وشبهه ؛ فحقيقة نقط ذلك أن يجعل على الطاء علامة السكون ، وعلى التاء بعدها علامة التشديد ، فيعلم بعلامة السكون أن الطاء لم تنقلب قلبا خالصا ، وأن الإطباق الذي هو صيغتها باق على حاله ، وببيانه امتنع القلب ، ويعلم بعلامة التشديد أن الطاء غير مبينة .
وفي نقط ذلك وجه آخر ، وهو : أن تعرى الطاء من علامة السكون ، وتعرى التاء من علامة التشديد ، فيجعل فيها نقطة فقط ، فيعلم أيضا بتعرية الطاء من علامة السكون أنها مدغمة في التاء ، ويعلم بتعرية التاء من علامة التشديد أن الطاء لم تنقلب إلى لفظها انقلابا صحيحا ؛ لأنها لو انقلبت إلى لفظها لذهب صوتها الذي خصت به دون التاء ، ولم يبق له أثر .
والوجه الأول أدل على اللفظ ، وهو الذي أختار . وبالله التوفيق .