[ ص: 154 ] فنفي العلم من وجه وإثباته من وجه حق ، وعلى هذا فيصح
nindex.php?page=treesubj&link=21303_21301_21302_28956إثبات علم التأويل للراسخين من وجه ونفيه من وجه ، فيصح الوقفان .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=101وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم [التوبة :101] ، ومعلوم أنه قد أعلمهم بنوعهم ووصفهم وأنهم من أهل المدينة والأعراب ، لكن لا تعلم أعيانهم . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب [الأنعام :50] ، نفى قوله أنه يعلم الغيب المطلق ، وإن كان الله قد أعلمه مما غاب عن غيره شيئا كثيرا . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فلا يظهر على غيبه أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إلا من ارتضى من رسول [الجن :26 - 27] ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله [النمل :65] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=14تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين [سبأ :14] .
وقد قال
يعقوب ليوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث [يوسف :6] ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي [يوسف :37] ، أي قبل أن يأتي التأويل ، وقال أولئك :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين [يوسف :44] ، ومعلوم التأويل قبل مجيئه ، وإنما علمه بالوصف كما يعلم بالوصف
[ ص: 155 ] تأويل القرآن المذكور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53هل ينظرون إلا تأويله ، ألا ترى أن كيفية الحدث المدركة بالعيان لم تكن معلومة بمجرد الخبر ، فإن المخبر ليس . . . . . .
والتأويل في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المراد به تأويل الأمر والنهي ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : السنة تأويل الأمر والنهي . فإن الخطاب نوعان : إخبار وإنشاء ، فالإنشاء كالأمر والنهي والتحليل والتحريم يعلم العلماء تأويله وتفسيره ، إذ لا بد من فعل المأمور به وترك المنهي عنه ، وذلك لا يكون إلا بعد علمه ، بل لا بد من علم المأمور به مفصلا .
ومن هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650752كان يقول في ركوعه وسجوده : «سبحانك اللهم وبحمدك » يتأول القرآن . فقد يقال : اللام في التأويل للتأويل المعهود ، وهو تأويل الأمر ، وعلى هذا أيضا قد يحمل قول
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في حديث صفة الحج الذي في
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659145ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شيء عملنا به ، فأهل بالتوحيد : «لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك » ، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته .
[ ص: 156 ]
فقوله : «وهو يعرف تأويله » يشبه قوله : «وعلمه التأويل » ، إذ قد يقال : ظاهرهما العموم وقد يدعى الاختصاص بالأمر والنهي وقد خالفه التأويل . وهو مثل حديث
سعد nindex.php?page=hadith&LINKID=654262عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا الآية [الأنعام :65] ، قال : «إنها كائنة ، ولم يأت تأويلها بعد » . لكن ليس فيه أنه كان يعلم هذا التأويل .
لكن يقال : الخبر عما كان في الدنيا مثل قصص الأنبياء ومن آمن بهم ممن لديهم علم تأويلها العلماء ، إذ لم يبق لها مخبر آخر يجيء فينتظر ، وإن لم يعلم معاينة فله نظير علم منتظر ، وكذلك ما سيكون في الدنيا من حوادث فإن علم تأويلها قبل كونه مثل علم تأويل تلك بعد كونه . . . . . الأمور الحاضرة ، والخبر عن الملائكة والجن والنار ، فهذا من الخبر عما سيكون .
[ ص: 154 ] فَنَفْيُ الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ وَإِثْبَاتُهُ مِنْ وَجْهٍ حَقٌّ ، وَعَلَى هَذَا فَيَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=21303_21301_21302_28956إِثْبَاتُ عِلْمِ التَّأْوِيلِ لِلرَّاسِخِينَ مِنْ وَجْهٍ وَنَفْيُهُ مِنْ وَجْهٍ ، فَيَصِحُّ الْوَقْفَانِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=101وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التَّوْبَةِ :101] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ بِنَوْعِهِمْ وَوَصْفِهِمْ وَأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأَعْرَابِ ، لَكِنْ لَا تُعْلَمُ أَعْيَانُهُمْ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الْأَنْعَامِ :50] ، نَفَى قَوْلُهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ الْمُطْلَقَ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَعْلَمُهُ مِمَّا غَابَ عَنْ غَيْرِهِ شَيْئًا كَثِيرًا . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إِلا مَنِ ارْتَضَى مَنِ رَسُولٍ [الْجِنِّ :26 - 27] ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ [النَّمْلِ :65] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=14تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سَبَأٍ :14] .
وَقَدْ قَالَ
يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ [يُوسُفَ :6] ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي [يُوسُفَ :37] ، أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ التَّأْوِيلُ ، وَقَالَ أُولَئِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ [يُوسُفَ :44] ، وَمَعْلُومُ التَّأْوِيلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ ، وَإِنَّمَا عَلِمَهُ بِالْوَصْفِ كَمَا يَعْلَمُ بِالْوَصْفِ
[ ص: 155 ] تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْحَدَثِ الْمُدْرَكَةَ بِالْعِيَانِ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ ، فَإِنَّ الْمُخْبَرَ لَيْسَ . . . . . .
وَالتَّأْوِيلُ فِي خَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُرَادُ بِهِ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : السُّنَّةُ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ . فَإِنَّ الْخِطَابَ نَوْعَانِ : إِخْبَارٌ وَإِنْشَاءٌ ، فَالْإِنْشَاءُ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ تَأْوِيلَهُ وَتَفْسِيرَهُ ، إِذْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ مُفَصَّلًا .
وَمِنْ هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650752كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ » يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ . فَقَدْ يُقَالُ : اللَّامُ فِي التَّأْوِيلِ لِلتَّأْوِيلِ الْمَعْهُودِ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ ، وَعَلَى هَذَا أَيْضًا قَدْ يُحْمَلُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ فِي حَدِيثِ صِفَةِ الْحَجِّ الَّذِي فِي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659145وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ : «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ » ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ .
[ ص: 156 ]
فَقَوْلُهُ : «وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ » يُشْبِهُ قَوْلَهُ : «وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ » ، إِذْ قَدْ يُقَالُ : ظَاهِرُهُمَا الْعُمُومُ وَقَدْ يُدَّعَى الِاخْتِصَاصُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَقَدْ خَالَفَهُ التَّأْوِيلُ . وَهُوَ مِثْلُ حَدِيثِ
سَعْدٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=654262عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا الْآيَةِ [الْأَنْعَامِ :65] ، قَالَ : «إِنَّهَا كَائِنَةٌ ، وَلَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ » . لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ هَذَا التَّأْوِيلَ .
لَكِنْ يُقَالُ : الْخَبَرُ عَمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ مِمَّنْ لَدَيْهِمْ عَلِمَ تَأْوِيلَهَا الْعُلَمَاءُ ، إِذْ لَمْ يَبْقَ لَهَا مُخْبِرٌ آخَرُ يَجِيءُ فَيَنْتَظِرُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُعَايَنَةً فَلَهُ نَظِيرُ عِلْمٍ مُنْتَظَرٍ ، وَكَذَلِكَ مَا سَيَكُونُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَوَادِثَ فَإِنْ عَلِمَ تَأْوِيلَهَا قَبْلَ كَوْنِهِ مِثْلَ عِلْمِ تَأْوِيلِ تِلْكَ بَعْدَ كَوْنِهِ . . . . . الْأُمُورُ الْحَاضِرَةُ ، وَالْخَبَرُ عَنِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالنَّارِ ، فَهَذَا مِنَ الْخَبَرِ عَمَّا سَيَكُونُ .