فصل 
في أنه ليس في القرآن لفظة زائدة لا تفيد معنى   [ ص: 332 ] قال الشيخ الإمام العلامة أوحد العصر وفريد الدهر أبو العباس أحمد ابن تيمية  رحمه الله تعالى آمين : 
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على رسوله محمد وآله وأصحابه والمؤمنين والتابعين أجمعين . 
أما بعد ، فاعلم أنه ليس في القرآن لفظة زائدة لا تفيد معنى ، ولا كلمة قد فهم معناها [مما] قبلها فأعيدت لا لمعنى ، أو لمجرد التأكيد المحض دون فائدة جديدة ، وهذا في اللفظ المستقل بنفسه ، بخلاف الحروف التي لا تستقل كالباء واللام . 
فإن قيل : فما تصنع في هذه الألفاظ التي وردت يوهم ظاهرها خلاف هذا : 
منها قوله تعالى : فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ، تلك عشرة كاملة   [البقرة :196] . 
ومنها قوله : وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة   [الأعراف :142] . 
ومنها قوله : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم   [الأنعام :38] .  [ ص: 334 ] 
ومنها قوله تعالى : يقولون بألسنتهم   [الفتح :11] . 
و كبرت كلمة تخرج من أفواههم   [الكهف :5] . 
ومنها قوله تعالى : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور   [الحج :46] . 
ومنها قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة  وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة   [الحاقة :13 - 14] . 
[ومنها قوله تعالى : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا  وجاء ربك والملك صفا صفا   [الفجر :21 - 22] . 
ومنها قوله تعالى : إذا زلزلت الأرض زلزالها   [الزلزلة :1] . 
ومنها قوله تعالى : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون   [التحريم :6] . 
ومنها قوله تعالى : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا   [يونس :99] . 
ومنها قوله تعالى : فسجد الملائكة كلهم أجمعون   [الحجر :30] . 
ومنها قوله تعالى : وكفى بالله وكيلا   [النساء :81] ، وكفى بالله حسيبا   [النساء :6] ، وكفى بربك هاديا ونصيرا   [الفرقان :31] ، وكفى  [ ص: 335 ] بنا حاسبين   [الأنبياء :47] . فإن الباء هنا زائدة . 
ومنها قوله تعالى : وما من إله إلا الله   [آل عمران :62] . 
وقوله تعالى : هل من خالق غير الله   [فاطر :3] . 
وقوله تعالى : هو الله الخالق البارئ   [الحشر :24] ، والخالق هو البارئ . 
وقوله تعالى : وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين   [النحل :51] . 
وقوله تعالى : وإن الله لهو العزيز الحكيم   [آل عمران :62] . 
و إنك لأنت الحليم الرشيد   [هود :87] . 
وقوله تعالى : أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون   [المؤمنون :35] . 
وقوله تعالى : وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا   [آل عمران :147] . 
وقوله : وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين   [الروم :49] . 
وقوله تعالى : أولى لك فأولى  ثم أولى لك فأولى   [القيامة :34 - 35] .  [ ص: 336 ] 
وقوله تعالى : تبت يدا أبي لهب وتب   [المسد :1] . 
وقوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان   [الرحمن :13] في كل آية . 
وقوله تعالى : ويل يومئذ للمكذبين   [المرسلات :15] . 
وقوله تعالى : ولى مدبرا   [النمل :10] والتولي لا يكون إلا مدبرا . 
وكذلك قوله تعالى : ثم وليتم مدبرين   [التوبة :25] . 
فالجواب : أنه [ليس] بحمد الله في شيء من هذه الآيات ما يخالف ما ذكرناه ، وليس فيها لفظ إلا و [هو] يفيد معنى زائدا ، ونحن نبين ذلك بعون الله تعالى وتأييده آية آية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					