[ ص: 239 ] شرح حديث 
 "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"  [ ص: 240 ]  [ ص: 240 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
قال الشيخ الحافظ الإمام ، شيخ الإسلام ، وأستاذ العلماء الأعلام ، تقي الدين أحمد بن [عبد الحليم بن] عبد السلام ، الشهير بابن تيمية  رحمه الله تعالى وجزاه عن المسلمين خيرا : 
فصل 
في قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح :  "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن"  . 
وللناس في هذا وأمثاله كلام كثير مضطرب ، فإن هذه من مسائل الأسماء والأحكام . 
فالخوارج  والمعتزلة  يحتجون بهذا على أن صاحب الكبيرة لم يبق معه من الإيمان بل ولا من الإسلام شيء أصلا  ، بل يستحق التخليد في النار ، ولا يخرج منها بشفاعة ولا غيرها . 
ومعلوم أن هذا القول مخالف لنصوص الكتاب والسنة الثابتة في غير موضع .  [ ص: 242 ] 
والمرجئة  والجهمية  يقولون : إيمان الفاسق تام كامل لم ينقص منه شيء  ، ومثل هذا إيمان الصديقين والشهداء والصالحين . ويتأولون مثل هذا الحديث على أن المنفي موجب الإيمان ، أو ثمرته ، أو العمل به ، ونحو ذلك من تأويلاتهم . 
والصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وأهل الحديث ، وأئمة السنة يقولون : لا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد  ، بل يخرج منها من في قلبه مثقال ذرة من إيمان كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، بخلاف قول الخوارج  والمعتزلة   . 
ويقولون : إن الإيمان يتفاضل  ، وليس إيمان من نفى الشارع عنه الإيمان كإيمان  أبي بكر   وعمر  رضي الله عنهما . 
ومنهم من ينفي عنه إطلاق الاسم ، ويقول : خرج من الإيمان إلى الإسلام ، كما يروى ذلك عن  أبي جعفر الباقر  وغيره . وهو قول كثير من أهل السنة من أصحاب  أحمد  وغيرهم ، وقال بمعنى هذا القول  حماد بن سلمة  ،  وعبد الرحمن بن مهدي  ،  وأحمد بن حنبل  في غير موضع ،  وسهل بن عبد الله التستري  وغيرهم من أئمة السنة . 
فإن أصحاب المنزلة بين المنزلتين ينفون اسم الإسلام ، وأولئك يقولون بالتخليد في النار ، وأولئك يقولون : ليس معه من الإيمان شيء . وهم لا يقولون معه من الإيمان شيء ما يخرج به من النار ويدخل به الجنة ، وبين القولين هذه الفروق الثلاثة . 
وعلى هذا قول من يقول إن الأعراب الذين قالوا : آمنا  ،  [ ص: 243 ] وقال الله : لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا  لم يكونوا منافقين ، بل كانوا دخلوا في الإسلام ، ولما يدخل الإيمان في قلوبهم فيثيبهم الله على الطاعة ، ويعاقبهم على المعصية ، كما قال تعالى : وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا   . وهذا قول أكثر أهل الحديث . 
وقيل : بل هؤلاء كان إسلامهم إسلام نفاق ، فلا يكون مسلما مثابا على العمل إلا من هو مؤمن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					