فصل 
وأما ربا الفضل بلا نساء  فقد أشكل على السلف والخلف ، فروي عن  ابن عباس   وابن مسعود   ومعاوية  أنه لا ربا إلا في النساء ، كما ثبت في الحديث الصحيح عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا ربا إلا في النسيئة » . 
وبإزاء هؤلاء بعض المتأخرين الذي قال : إنه يجري في كل مال . وهذا خلاف إجماع السلف ، ولا معنى فيه . يحكى هذا عن أبي طاهر الرياشي   .  [ ص: 319 ] 
وقالت طائفة : إنما يحرم في الأصناف المنصوصة الستة ، وهو قول  قتادة  وداود  وأصحابه . وابن عقيل قد رجح في آخر عمره في كتابه في الخلاف هذا ، وضعف ما عللت به الأصناف الستة كلها ، وقد بسط القول عليه ، وبين أنه إنما حرم لسد الذريعة فقط ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الرماء »  . فربا النسيئة حرم لما فيه من الفساد والظلم ، وأما ربا الفضل فإنما حرم لسد الذريعة . 
وأقرب الأقوال قول من قال : لا يحرم إلا في المطعوم المماثل المكيل والموزون ، وهو قول  سعيد بن المسيب   والشافعي  في قول  وأحمد  في إحدى الروايات اختارها أبو محمد   . ومذهب  مالك  قريب من ذلك ، بل هو أرجح في ربا الفضل وربا النسيئة في اعتبار المقاصد ، لكنه بالغ في سد الذريعة ، حتى حرمها مع صحة القصد ورجحان المصلحة .  وأحمد  يوافقه على بطلان الحيل وعلى سد الذرائع إلا إذا ترجحت المصلحة . وهذا أعدل الأقوال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					