، ولم يفض إلى مزدلفة ولا رمى الجمار ، بل ويقف بعرفات بثيابه . ومعلوم أن هذا ليس من العبادات التي يحبها الله ورسوله ، بل قد رأى ومن أكابر هؤلاء من تحمله الشياطين وتذهب به عشية عرفة إلى عرفات ، وترجع به في تلك الليلة ، وهو لم يحرم ولم يلب ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة رضي الله عنه بعرفة قوما عليهم الثياب فطلب عقوبتهم . وهذا بمنزلة من حملته الشياطين إلى الجامع ، فصلى مع الناس بلا وضوء أو إلى غير القبلة . عمر بن الخطاب
ولو كان هؤلاء عالمين بدين محمد صلى الله عليه وسلم متبعين له لعلموا أن هذا الحمل إلى عرفات على هذا الوجه من أحوال الشياطين ، لا من كرامات أولياء الله المتقين . وبسط الكلام في هذا الباب وما فيه من الخطأ والصواب ، والفرق بين كرامات أولياء الله المتقين وبين أحوال أتباع الشياطين ، لا يتسع له هذا الجواب .
وإذا كان كذلك فهؤلاء تجب استتابتهم وعقوبة من لم يتب منهم ، [ ص: 403 ] وأقل عقوباتهم أن يهجر أحدهم حتى يتوب ، ومن أكرمهم لله تأليفا لقلوبهم واستتابهم وبين لهم ضلالهم فقد أحسن ، وأما من يكرمهم معتقدا أنهم من أولياء الله المتقين فهذا مخالف لدين المسلمين ، يجب عليه أن يتوب من ذلك ، ويعرف الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن من خالف أمر الله ورسوله فهو ضال ، وعليه أن يتبع أمر الله ورسوله ، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته : » . «خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة
تمت بحمد الله وعونه .