فصل
وأما ما يحدثه من المصائب، إما بغير فعل الخلق، كالأمراض، وإما بفعلهم، كإيذاء الإنسان، وظلمه باليد واللسان - فإنه سبحانه محمود عليه مشكور، حمد المدح وحمد الشكر. [ ص: 387 ]
* أما إذ هو رب العالمين، و حمد المدح، فإنه محمود على كل ما خلق، الحمد لله رب العالمين .
* وأما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: حمد الشكر، فلأن هذه نعمة في حق المؤمن إذا وفق للصبر عليها، «لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
وهي نفسها تكفر خطاياه، ويؤجر على الصبر عليها، ففيها له مغفرة من جهة ما تكفره من الخطايا، وله فيها رحمة من جهة ما يؤجر على الصبر عليها، لا سيما إذا اقترن بها توبة وإنابة إلى الله، وتوكل عليه، وتوحيد له، وإخلاص الدين له؛ فإنها تكون من أعظم النعم.
ومصيبة تقبل بك على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله.
وقد قال بعض السلف: «يا ابن آدم، لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها قرع باب سيدك».
وفي الحديث: «إذا قالوا للمريض: اللهم ارحمه، يقول الله: كيف أرحمه [ ص: 388 ] من شيء به أرحمه؟».
وفي الأثر: «يا ابن آدم، البلاء يجمع بيني وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك».
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن، ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه».