فإن كانت الركعتان لا تسمى في السفر قصرا، فإنه بين حال الخوف في السفر، كما بين فالصلاة مع الأمن صلاة مقامة إقامة مطلقة وهي التامة، ومع الخوف مقصور، وإذا ضربوا في الأرض وكانوا خائفين قصروا لأجل الخوف مع صلاة ركعتين، لأن ذلك هو الذي يحتاج إلى بيانه في العادة العامة، فأما عدم الماء في الحضر فنادر، واحتياج المقاتل لصلاة الخوف نادر. التيمم عند عدم الماء في السفر،
ودل القرآن على أن مجرد الضرب في الأرض ليس نسخا للقصر المذكور في القرآن، وليس في القرآن أنه لا قصر إلا قصر المسافر، بل قصر الخائف قصر، وصلاته ناقصة بالكتاب والسنة والإجماع. وأما [ ص: 329 ] المسافر ففي تسمية صلاته قصرا نزاع وتفصيل، ومن لم يفرض عليه إلا ركعتان مع قدرته على الأربع وتيسر ذلك عليه لم يكن قد نقص مما أمر به شيئا، كمن صلى الفجر والعيد ركعتين والجمعة ركعتين، بخلاف الخائف والمريض ونحوهما، فإنه إنما أبيح لهما نقص الصلاة لأجل العجز عن إكمالها، والمسافر يباح له ذلك مع القدرة، كما أبيح له الفطر، واستحب له أو وجب عليه ذلك عند طائفة. وإن كان المسافر إنما وضع عنه الصوم وشطر الصلاة لكون السفر مظنة الحاجة إلى التخفيف فهذا حكم عام لكل مسافر معلق بجنس السفر، إما لكون السفر قطعة من العذاب فتكون الحكمة عامة، أو لكونه مظنة كما يظنه بعض الناس، وإن تخلفت الحكمة في آحاد الصور. وهذا بمنزلة عرفة ومنى لا جمعة فيهما، وأن المسافر ليس عليه جمعة، وأن ونحو ذلك من الأحكام التي فرق الله فيها بين حكم المقيم والمسافر. المسافر يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يمسح يوما وليلة،