وأما أو السجود له ونحو ذلك. وهذا ونحوه لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، ولا كان أحد من السلف يفعله لا عند قبره صلى الله عليه وسلم ولا عند غيره. الزيارة البدعية: فمن جنس زيارة النصارى المشركين، مقصودها الإشراك بالميت; مثل طلب الحوائج منه، أو التمسح بقبره وتقبيله،
بل قد أجدبوا واستسقوا، ولم يكونوا يأتون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعون عنده لا في ذلك الوقت ولا غيره. بل ثبت في « الصحيح» أنهم لما أجدبوا على عهد رضي الله عنه استسقى بهم فقال: اللهم إنا إذا كنا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون. عمر
فكانوا في حياته يتوسلون إلى الله عز وجل بدعائه وشفاعته، فلما مات صلى الله عليه وسلم بقوا يتوسلون بدعاء العباس.
ولم يكونوا يقسمون على الله بأحد من خلقه لا نبي ولا غيره، ولا يسألون ميتا ولا غائبا، ولا يستعينون بميت ولا غائب، سواء كان نبيا أو غير نبي. بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئا; تحقيقا لقوله: فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب [الشرح: 7 - 8]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن [ ص: 430 ] عباس: « إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله».
وفي « المسند» كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناس شيئا. أبا بكر الصديق وكذلك كان عوف الأشجعي وغيره ممن وصاهم النبي صلى الله عليه وسلم: أن لا تسأل الناس شيئا. أن
وهذا لأن جماع الدين أن لا يعبد الناس إلا الله، وأن يعبدوه بما شرع، لا يعبدوه بالبدع، كما قال الفضيل بن عياض في قوله عز وجل: ليبلوكم أيكم أحسن عملا [الملك: 2] قال أخلصه وأصوبه. قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وما أصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن [ ص: 431 ] يكون على السنة. الفضيل:
وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
وأما فإن ذلك منهي عنه باتفاق الأئمة; إذا كانت خارجة إلى صلاة الجماعة. وأما خروجهن في المجامع المبتدعة، مثل التعريف ببيت المقدس وأمثال ذلك مع إظهار الزينة والطيب; فهذا منكر من وجوه عدة، وليس لزوجها ولا أبيها ولا نحوهما تمكينها من ذلك، بل عليهم أن يمنعوها من ذلك فضلا عن إعانتها على ذلك. خروج النساء إلى المساجد مظهرات الزينة،
وأما زيارة المرأة لبيت المقدس في غير موسم من غير سفر فلا بأس بذلك.
* * * [ ص: 432 ]