[ ص: 444 ] وقد استجاب الله دعاء الأمة في السلطان، فجعل فيه من الخير الذي شهدت به قلوب الأمة ما فضله به على غيره، والله المسؤول أن يعينه، فإنه أفقر خلق الله إلى معونة الله وتأييده، حتى يدفع عنه كل ضر، ويجلب إليه كل خير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلاح أمر السلطان في إقامة سلطان الله، وإنفاذ مرسوم رب العالمين الذي هو كتابه، فإنه سبحانه جعل صلاح أهل التمكين في أربعة أشياء: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
فإذا أقام الصلاة في مواقيتها جميعه هو وحاشيته وأهل طاعته، وأمر بذلك جميع الرعية، وعاقب من تهاون في ذلك بالعقوبة التي شرعها الله، فقد تم هذا الأصل.
ثم إنه مضطر إلى الله تعالى، فإذا ناجى ربه في السحر واستغاث به، وقال: « أعطاه الله من المكنة ما لا يعلمه إلا الله. يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث»
ثم كل نفع وخير يوصله إلى الخلق هو من جنس الزكاة، فمن أعظم العبادات: سد الفاقات، وقضاء الحاجات، ونصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، والأمر بالمعروف، وهو: الأمر بما أمر الله به ورسوله من العدل والإحسان، وأمر نواب البلاد وولاة الأمور باتباع حكم الكتاب والسنة، [ ص: 445 ] وتعظيم حرمات الله. والنهي عن المنكر: النهي عما نهى الله عنه ورسوله.
ومما نهى الله عنه ورسوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إتيان العراف والكهان والمنجم، رواه مسلم في « صحيحه». من أتى عرافا فسأله عن شيء لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « رواه من اقتبس [علما من النجوم اقتبس] شعبة من السحر، زاد ما زاد». وغيره بإسناد صحيح. أبو داود
وقد تقدم إلى ولي الأمر بالشام بما يشكره الله وعباده المؤمنون من إبطال هؤلاء ومنعهم من الجلوس بالحوانيت والطرقات، ومن منع الخمر والحشيشة المسكرة، حتى يعبد الخلق ربهم ويتكلوا عليه ويستعينوه.
فإذا تقدم السلطان أيده الله بذلك في عامة بلاد الإسلام، كان فيه من صلاح الدنيا والآخرة له وللمسلمين ما لا يعلمه إلا الله، والله يوفقه بما يحبه ويرضاه. [ ص: 446 ]