من السنة الغراء أو من كتاب من تقدس عن قول الغواة وجحد ومن قول أهل الفضل من علمائنا
أئمة أهل السلم من كل أمجد ( من ) وهي في اللغة : الطريقة الحسنة ، وفي العرف ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول كقوله : { السنة } أو فعل { إنما الأعمال بالنيات } ، { كلبسه المغفر } ، { ومظاهرته بين درعين ولبسه الإزار والرداء والعمامة } ، أو تقرير كقول الصحابي كنا نفعل كذا وكذا والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلينا ، أو في حياته ولم ينكره علينا ; أو صفة كما في أوصافه وحليته صلى الله عليه وسلم من كونه كحل العينين ، أزج الحاجبين " ، ضخم الكراديس .
( الغراء ) أي البيضاء الشريفة . قال : الأغر الأبيض ، ورجل أغر أي شريف . وفي القاموس : الغرة بياض في الجبهة ، وفرس أغر وغراء ، والأغر الأبيض من كل شيء والكريم الأفعال الواضحة والشريف . انتهى وفي الحديث : { الجوهري } وفيه { تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها } يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة ومنه الحديث في صوم الأيام الغر أي البيض الليالي بالقمر ، وهي ثالث عشر ، ورابع عشر ، وخامس عشر ، كما في النهاية . غر محجلون من آثار الوضوء
[ ص: 38 ] أو ) منقول ومأثور ( من كتاب من ) أي الذي أو رب ( تقدس ) أي تنزه وتعالى وتطهر وتبارك . قال في القاموس : التقديس التطهير ومنه الأرض المقدسة وبيت المقدس ، وفي الأسماء الحسنى القدوس . قال في النهاية : هو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص .
قال في القاموس : كل فعول مفتوح غير قدوس وسبوح وذروح وفروج . قال في النهاية : وهو من أبنية المبالغة وقد تفتح القاف وليس بالكثير ، ولذا قال في القاموس : ويفتحان يعني قدوس وسبوح .
( عن قول ) النصارى وأضرابهم ممن قال بالتثليث أو الزوجية أو كون له ولدا أو شريكا كمشركي العرب ( الغواة ) جمع غاو وهم الضلال . قال في النهاية في قوله صلى الله عليه وسلم { } يقال غوى يغوي غيا وغواية فهو غاو ، أي ضل وأضل ، والغي الضلال والانهماك في الباطل . وإنما وصفهم بالغي في النظم لزعمهم أن من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى المسيح ابن الله أو مريم زوجته أو هو ثالث ثلاثة تعالى الله عن مقالتهم ( و ) تقدس وتنزه الرب أيضا عن قول ( جحد ) جمع جاحد أي منكر مع علمه ، يقال جحده حقه كمنعه جحدا وجحودا أنكره مع علمه . قاله في القاموس .
يعني تعالى الرب وتقدس عن قول منكري الربوبية أو وجوده تعالى ، أو صفة من صفاته ، أو اسم من أسمائه التي نطق بها القرآن أو صح بها الأثر ، أو أول ذلك على خلاف ما ورد ، أو شبهه سبحانه بشيء من خلقه المنفي في قوله : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } بل الواجب الإثبات بلا تمثيل ، والتنزيه بلا تعطيل ، فالمشبه يعبد صنما ، والمعطل يعبد عدما ، والمسلم يعبد رب الأرض والسماء جل شأنه وتعالى سلطانه .
وحاصل ما ذكره رحمه الله تعالى أن نظمه مستنده ثلاثة أشياء :
الأول الكتاب العزيز .
والثاني السنة الغراء ( و ) المأثور .
الثالث ما نظمه ( من قول ) أي مقال ( أهل الفضل ) ضد النقص ، يقال فضل كنصر وعلم ، وأما فضل كعلم يفضل كينصر فمركبة منهما كما في القاموس ( من علمائنا ) معشر [ ص: 39 ] الحنابلة من أصحاب رضي الله عنه فما دونه ممن دأب في تهذيب مذهبه واستخرج الأقوال واستنبط الأوجه ، فإن التخريج في اصطلاح فقهائنا : نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها والتسوية بينهما فيه ، والوجه استنباط الحكم من مفهوم كلام الإمام أو نحو ذلك . الإمام أحمد
ثم إن الناظم وصف هؤلاء الفضلاء من علماء مذهبنا بقوله ( أئمة ) جمع إمام وهو المتقدم على غيره ، والمراد هنا من اشتهر بالإمامة فصار يقتدى بأقواله وأفعاله وصلح أن يكون متبوعا ، وذلك أن تقرأ أئمة بالجر صفة لمن قبله ، وبالرفع على القطع أي هم أئمة ( أهل السلم ) بكسر السين المهملة وفتحها ، ويؤنث كما في القاموس ، أي الصلح ، وأراد أهل الطاعة والصلاح ظاهرا وباطنا والأمن من فرث أهل التشبيه والتمثيل وذم أهل الإلحاد والتعطيل ( من كل ) إمام ( أمجد ) . من غيره والمجد الشرف في كلام العرب أو الشرف الواسع ، يقال ماجد مفضال كثير الخير .
وفي كلام رضي الله عنه أما نحن علي بنو هاشم فأنجاد أمجاد أي أشراف كرام جمع مجيد أو ماجد كأشهاد في شهيد أو شاهد ، قاله في النهاية .
كأن الناظم رحمه الله ( قال ) إن ما في منظومتي من الأحكام والآداب من الكتاب والسنة ، وأقاويل الأئمة من أهل المذهب فليس ما فيها من قبل نفسي بل هو مأثور ومشهور وإنما لي من ذلك النظم والتأليف والضم والتصريف ليسهل تناوله ويظهر تداوله .