مطلب : في أن . النبي صلى الله عليه وسلم لبس السراويل أم لا ؟
( الثاني ) : اختلف العلماء هل لبس السراويل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ قال في الآداب الكبرى : قد روي عن إبراهيم وموسى عليهما السلام أنهما لبساه ولبسه النبي صلى الله عليه وسلم .
وروي عن غير واحد من الصحابة كسلمان وعن أنه أمر به . علي
وذكر الإمام الحافظ ابن الجوزي في كتابه الوفي وأخرجه عن ابن حبان رضي الله عنه قال : { بريدة كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد زوجتك امرأة من قومك وهي على دينك النجاشي ، وأهديت لك هدية جامعة قميصا وسراويل وعطافا وخفين ساذجين ، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عليهما أم حبيبة بنت أبي سفيان } قال إن سليمان بن داود أحد رواة الحديث : قلت ما العطاف ؟ قال : الطيلسان . للهيثم بن عدي
وأخرج عن { ابن حبان سويد بن قيس قال : جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر إلى مكة فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل ، وثم وزان يزن بالأجر ، فقال : إذا زنت فأرجح } وأخرجه الإمام أيضا من حديث أحمد مالك بن عميرة الأسدي قال { } قال في الفتح وما كان ليشتريه عبثا وإن كان غالب لبسه الإزار . قدمت قبل مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترى مني سراويل فأرجح لي
وأخرج أبو يعلى في الأوسط من حديث والطبراني { أبي هريرة } الحديث وفيه { دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم } وفيه فقلت : يا رسول الله ، وإنك لتلبس السراويل ؟ قال : أجل في السفر والحضر والليل والنهار فإني أمرت بالتستر يوسف بن زياد البصري ضعيف .
قال في الهدي : اشترى صلى الله عليه وسلم السراويل والظاهر إنما [ ص: 242 ] اشتراه ليلبسه .
ثم قال : وروي في حديث { أنه لبس السراويل وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه } .
قلت : وميل الإمام المحقق في الهدي إلى أنه صلى الله عليه وسلم لبسها وكذا الحافظ ابن حجر في الفتح وقال جماعة من العلماء : لم يلبسها عليه الصلاة والسلام ولا يلزم من شرائه لها لبسها .
وقاله المناوي في شرح الجامع الصغير والله أعلم .
( الثالث ) : التبان في معنى السراويل .
قال في الآداب الكبرى : روى بإسناده أن وكيع رضي الله عنها كانت تأمر غلمانها بالتبابين وهم محرمون . عائشة
قال في المطالع : التبان شبه السراويل قصيرة الساق . وقال الحجاوي في لغة إقناعه : التبان بضم التاء وتشديد الباء هو سراويل قصيرة جدا . وقال الجوهري : هو مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط ويكون للملاحين وجمعه تبابين انتهى .
فإذا علمت ذلك ، وفهمت ما هنالك من كون السراويل سنة إبراهيم الخليل ، والنبي النبيل على أحد الأقاويل ، والصحابة الكرام ، واختيار العلماء الأعلام ( فالبسه ) أي السراويل ( واقتد ) بمن ذكرنا لك أنهم لبسوه فإنهم أهل لأن يقتدى بهم لا سيما الاقتداء .
( بسنة ) سيدنا ( إبراهيم ) الخليل عليه الصلاة والسلام ( فيه ) أي في لبسه ( و ) سنة نبينا وحبيبنا ( أحمد ) المختار ( وأصحابه ) الأخيار ، عليه وعليهم الصلاة والسلام ما تعاقب الليل والنهار ( و ) لكن لبسهم ( الأزر ) جمع إزار ( أشهر ) من لبسهم السراويل ( أكد ) فعل أمر من التأكيد وحرك بالكسر للقافية .
قال في الفروع في الادهان وكونه غبا أو مطلقا لحاجة للخبر .
واختار شيخنا فعل الأصلح للبدن كالغسل بماء حار ببلد رطب ، لأن المقصود ترجيل الشعر ، ولأنه فعل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن مثله نوع اللبس والمأكل ، وأنهم لما فتحوا الأمصار كان كل منهم يأكل من قوت بلده ، ويلبس من لباس بلده ، من غير أن يقصدوا قوت المدينة [ ص: 243 ] ولباسها .