مطلب : يكره . الإسراف في الأكل والشبع المفرط
والحاصل أن الآكل لا يخلو من حالات أربع : إحداها الشبع غير المفرط ، وقد علمت أنه غير مكروه ، والمراد به أن يتجاوز الأثلاث في الأكل على ما يأتي في الحديث مجاوزة غير مضرة للآكل في بدنه ولا إسراف .
الثانية : الشبع المفرط وإليها أشار الناظم بقوله ( ومكروه ) تنزيها على الأصح ( الإسراف ) في الأكل وقيل : إن ذلك حرام قال في الآداب الكبرى : اعلم أن كثرة الأكل شؤم ، وأنه ينبغي النفرة عمن عرف بذلك واشتهر به واتخذه عادة .
ولهذا روى عن مسلم قال { نافع رضي الله عنهما مسكينا فجعل يضع بين يديه ويضع بين يديه فجعل يأكل كثيرا فقال : لا يدخلن هذا علي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء ابن عمر } . قلت وهذا الحديث في الصحيحين عن : رأى رضي الله عنه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } وفي رواية المسلم يأكل في معى واحد ، والكافر في سبعة أمعاء { للبخاري } . أن رجلا كان يأكل أكلا كثيرا فأسلم فكان يأكل أكلا قليلا ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء
وفي رواية قال { لمسلم } . أضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا كافرا فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ، ثم أخرى فشرب حلابها ، ثم أخرى فشرب حلابها [ ص: 109 ] حتى شرب حلاب سبع شياه ، ثم إنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب حلابها ، ثم أخرى فلم يستتمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن يشرب في معى واحد ، وإن الكافر يشرب في سبعة أمعاء
وأخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { المقدام بن معدي كرب آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه } . ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن
ولفظ { ابن ماجه } الحديث وأخرج فإن غلبت الآدمي فثلث للطعام الترمذي وحسنه وابن ماجه عن ، والبيهقي رضي الله عنهما قال { ابن عمر } وفي صحيح : تجشأ رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كف عنا جشاءك ، فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة أن الرجل هو الحاكم أبو جحيفة . { أبي جحيفة رضي الله عنه قال : أكلت ثريدة من خبز ولحم ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ فقال : يا هذا كف عنا من جشائك ، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة } قال فعن صحيح الإسناد واعترضه الحاكم الحافظ المنذري ، ثم قال لكن رواه بإسنادين : أحدهما ثقات ورواه البزار ابن أبي الدنيا في الكبير ، والأوسط والطبراني وزاد { ، والبيهقي أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا كان إذا تغدى لا يتعشى وإذا تعشى لا يتغدى } . فما أكل
وفي رواية قال لابن أبي الدنيا أبو جحيفة : فما ملأت بطني منذ ثلاثين سنة وأخرج بإسناد حسن عن الطبراني رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } وفي معجم إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع غدا في الآخرة البغوي عن عبد الرحمن بن المرقع رضي الله عنه قال : { خيبر ، وهي بخضرة من الفواكه فواقع الناس الفاكهة فمعثتهم الحمى فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الحمى رائد الموت وسجن الله في أرضه ، وهي قطعة من النار ، فإذا أخذتكم فبردوا الماء في الشنان فصبوها [ ص: 110 ] عليكم بين الصلاتين يعني بين المغرب ، والعشاء قال ففعلوا ذلك فذهبت عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يخلق الله وعاء إذا ملئ شرا من بطن ، فإذا كان لا بد فاجعلوا ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للريح } . وإلى هذا أشار فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم الناظم بقوله : ومكروه الإسراف والثلث أكد .