[ ص: 137 ] مطلب : في كراهة الشرب من فم السقاء وثلمة الإناء عليه الصلاة والسلام : ولا تشربن من في السقاء وثلمة ال إناء وانظرن فيه ومصا تزرد ( ولا تشربن ) نهي كراهة مؤكد بالنون الخفيفة ( من في ) أي فم ( السقاء ) القربة ونحوها قال في القاموس السقاء ككساء جلد السخلة إذا أجذع يكون للماء واللبن وجمعه أسقية . وذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم عن . الشراب من في السقاء
فقد روى الإمام أحمد عن ، والبخاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } زاد الإمام نهى أن يشرب من في السقاء قال أحمد " فأنبئت أن رجلا شرب من في السقاء فخرجت حية " ولأن الشرب من فم السقاء ربما يقذره على غيره وينتنه بتردد أنفاسه وربما غلبه الماء فتضرر به من شرق ونحوه . أبو أيوب
وعن أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم قالت { حسان بن ثابت } رواه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما فقمت إلى فيها فقطعته الترمذي ، وقال حسن صحيح ، وإنما قطعته لتحفظ موضع فمه الشريف وتتبرك به وتصونه عن الابتذال ، فهذا الحديث لبيان الجواز ، والنهي للكراهة . فالأفضل ، والأكمل عدم الشرب من فم السقاء ، والجرة ونحوهما ويكره ذلك إلا لحاجة والله أعلم .
( و ) لا تشربن من ( ثلمة الإناء ) أي الوعاء والثلمة الكسر . قال في القاموس الثلمة بالضم حرفه المكسور ، والمهدول يعني الإناء فيكره للشارب أن يقصد الثلمة فيشرب منها ; لأنها محل اجتماع الوسخ لعدم التمكن من غسلها تاما وخروج القذى ونحوه منها ولأنه ربما لا يتمكن من حسن الشرب منها وربما انجرح بحدها ولأنه يقال : الرديء من كل شيء لا خير فيه .
وأخرج أبو داود في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه قال { أبي سعيد الخدري } . وفيه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح وأن ينفخ في الشراب قرة بن عبد الرحمن بن جبريل المصري قال في الآداب الكبرى ضعفه الأكثر ، وقال الإمام : منكر الحديث جدا فيتوجه أنه لا يكره عنده وتركه أولى انتهى وقال الحافظ أحمد بعد ذكره عن الإمام المنذري أنه قال هو منكر الحديث جدا وضعفه أحمد ابن معين . وقال ابن عدي [ ص: 138 ] أرجو أنه لا بأس به ، وصحح حديثه وأخرج له ابن حبان مقرونا مسلم وغيره انتهى فتبين أن الحديث معلول ومختلف في ثبوته بعمرو بن الحارث
، وعلى كل حال من أنواع الكمال وحسن الامتثال سيما والرديء من كل شيء لا خير فيه . ويروى أن بعض الناس رأى من يشتري حاجة رديئة فقال : لا تفعل أما علمت أن الله نزع البركة من كل رديء . ومثل الثلمة الشرب محاذيا للعروة . ترك الشرب من الثلمة
قال في المستوعب : ويشرب مما يليها ، وظاهر كلام غيره أن هذا وغيره سواء ; ولهذا لم يذكره ولا يشرب محاذيا للعروة ابن الجوزي وصاحب الرعاية وغيرهما ممن ذكر أدب ذلك ، وقد قال تعالى : { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب } واحدها كوب إناء مستدير لا عروة له أي لا أذن له . قال ابن الجوزي : لأن العروة ترد الشارب من بعض الجهات . قلت : وذكر في الإقناع من المكروهات وعبارته : ويكره أن يتنفس فيه أي الإناء وأن يشرب من في السقاء وثلمة الإناء أو محاذيا للعروة المتصلة برأس الإناء انتهى ( وانظرن ) فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة ( فيه ) أي الإناء الذي تشرب منه لئلا يكون فيه قذاة ونحوها ( و ) مص الماء ( مصا ) ، وهو الشرب برفق . قال في القاموس : مصصته بالكسر أمصه ومصصته أمصه كخصصته أخصه شربته شربا رقيقا كامتصصته .
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : { } رواه إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصا ولا يعبه عبا ، فإن منه الكباد وغيره فقوله صلى الله عليه وسلم فإن منه أي من الشرب عبا . ، والكباد بضم الكاف وتخفيف الباء أي وجع الكبد ، وهذا معلوم بالتجربة . ، والعب شرب الماء جرعا وتتابعه وكرعه وفي نهاية البيهقي : قوله صلى الله عليه وسلم { ابن الأثير } العب الشرب بلا تنفس ومنه الحديث { مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا } الكباد من العب
قال : والكباد داء يعرض للكبد . وقال في موضع آخر : الكباد من العب هو بالضم وجع الكبد والعب شرب الماء من غير مص انتهى . وقول الناظم ( تزرد ) هو فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر من الازدراد ، وهو البلع أي مص الماء مصا وابتلعه [ ص: 139 ] ولا تعبه عبا فتفوز باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتسلم من داء الكبد وكل ما ألم ، فقد روى عن الطبراني بهز قال : { } . ورواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضا ويشرب مصا ويتنفس ثلاثا ويقول هو أهنأ وأمرأ وأبرأ عن أبو بكر الشافعي ربيعة بن أكتم ولفظه : { } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضا ويشرب مصا ويقول هو أهنأ