ثم قال الناظم رحمه الله تعالى بالعفاف والقناعة والاقتصاد وعدم الانهماك في لذات الدنيا ( لا عن كثرة ) المال ( المتعدد ) فإنه لا يورث غنى بل يورث مزيد الشره والانهماك ، فكلما نال عنه شيئا طلب شيئا آخر ، ولا يزال كذلك حتى يهلك . ( والغنى ) الحقيقي ( غنى النفس )
وقد روى النسائي في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي ذر أترى كثرة المال هو الغنى ؟ قلت نعم يا رسول الله ، قال فترى قلة المال هو الفقر ؟ قلت نعم يا رسول الله ، قال إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب ، ثم سألني عن رجل من أبا ذر قريش فقال هل تعرف فلانا ؟ قلت نعم يا رسول الله قال فكيف تراه أو تراه ؟ قلت إذا سأل أعطي ، وإذا حضر أدخل ، قال ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال هل تعرف فلانا ؟ فقلت لا والله ما أعرفه يا رسول الله فما زال يحليه وينعته حتى عرفته ، فقلت قد عرفته يا رسول الله ، قال فكيف تراه أو تراه ؟ قلت هو رجل مسكين من أهل الصفة ، قال هو خير من طلاع الأرض من الآخر ، قلت يا رسول الله أفلا يعطى بعض ما يعطى الآخر ؟ فقال إذا أعطي خيرا فهو أهله ، وإذا صرف عنه فقد أعطي حسنة } . يا
وفي مسند الإمام بأسانيد صحيحة وصحيح أحمد عن ابن حبان أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي ذر } . انظر أرفع رجل في المسجد ؟ قال فنظرت فإذا رجل عليه حلة ، قلت هذا ، قال : قال لي انظر أوضع رجل في المسجد ؟ قال فنظرت فإذا رجل عليه أخلاق ، قال قلت هذا . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا عند الله خير يوم القيامة من ملء الأرض مثل هذا
وفي الصحيحين عن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { حكيم بن حزام } . اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله
[ ص: 543 ] وفي البخاري أيضا وموطأ ومسلم مالك وأبي داود والترمذي وغيرهم من حديث رضي الله عنه وفيه { أبي سعيد الخدري } . من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطى الله أحدا عطاء هو خير وأوسع من الصبر
وفي الصحيحين وأبي داود وغيرهم عن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } . العرض بفتح العين المهملة والراء هو ما يقتنى من المال وغيره . وما أحسن قول الإمام ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس رضي الله عنه : الشافعي
خبرت بني الدنيا فلم أر منهم
سوى خادع والخبث حشو إهابه فجردت عن غمد القناعة صارما
قطعت رجائي منهم بذبابه فلا ذا يراني واقفا بطريقه
ولا ذا يراني قاعدا عند بابه غني بلا مال عن الناس كلهم
وليس الغنى إلا عن الشيء لا به
إذا أعطشتك أكف اللئام كفتك القناعة شبعا وريا
فكن رجلا رجله في الثرى وهامة همته في الثريا
ومن يطلب الأعلى من العيش لم يزل حزينا على الدنيا رهين غبونها
إذا شئت أن تحيا سعيدا فلا تكن على حالة إلا رضيت بدونها
بوعدت همتي وقورب مالي ففعالي مقصر عن مقالي
ما اكتسى الناس مثل ثوب اقتناع وهو من بين ما اكتسوا سربالي
ولقد تعلم الحوادث أني ذو اصطبار على صروف الليالي
يا واردا سؤر عيش صفوه كدر أنفقت عمرك في أيامك الأول
فيما اعتراضك لج البحر تركبه وأنت تكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا يحتاج فيه إلى الأنصار والخول