( الرابع ) : في بيان ، وسياق بعض الأحاديث في ذلك . من تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح لآلات اللهو والمعازف قالا حدثني عبد الرحمن بن غنم أبو عامر أو أبو مالك الأشعري رضي الله عنهم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { } هذا حديث صحيح أخرجه ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف في صحيحه محتجا به . قال الإمام البخاري ابن القيم ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي ، وزعم أنه منقطع لأن كابن حزم لم يصل سنده به وإنما قال باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه وقال البخاري حدثنا هشام بن عمار صدقة بن خالد حدثنا حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني عطية بن قيس الكلابي حدثني [ ص: 171 ] عبد الرحمن بن غنم الأشعري أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . وجواب هذا الوهم من وجوه : ( أحدها ) أن قد لقي البخاري وسمع منه ، فقوله قال هشام بن عمار هشام بمنزلة قوله عن هشام قال الزين العراقي في ألفية مصطلح الحديث :
وإن يكن أول الإسناد حذف مع صيغة الجزم فتعليقا عرف ولو إلى آخره أما الذي
لشيخه عزا يقال فكذا عنعنة كخبر المعازف
لا تصغ لابن حزم المخالف
( الوجه الثاني ) : أنه لو لم يسمعه منه لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد صح عنه أنه قد حدث به ، وهذا كثيرا ما يكون لكثرة من رواه عن ذلك الشيخ وشهرته ، أبعد خلق الله من التدليس كما في إغاثة اللهفان . فالبخاري
( الثالث ) : لو ضربنا عن هذا كله صفحا فالحديث صحيح متصل عند غيره . قال الإمام أبو داود في كتاب اللباس حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكير عن حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : سمعت عطية بن قيس قال : حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري أبو عامر أو أبو مالك فذكره . ورواه أبو بكر الإسماعيلي في كتابه الصحيح مسندا فقال أبو عامر ولم يشك ، ووجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها وقرنها باستحلال الخمر والخز ، وروي " الحر " ، فعلى رواية الحاء والراء المهملتين فهو استحلال الفروج الحرام ، وعلى رواية الخاء والزاي المعجمتين فهو نوع من الحرير غير الذي صح عن الصحابة لبسه إذ الخز نوعان : أحدهما من حرير والثاني من صوف وقد روي هذا الحديث بالوجهين وفي الباب من سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي أم المؤمنين وعائشة وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن منابط والفار بن ربيعة رضي الله عنهم قد استقصاها الإمام المحقق ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان بالأسانيد ، وبين حالها بأتم بيان وأكمل تسديد . فمما ذكر عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { سهل بن سعد } رواه يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ ، قيل يا رسول الله متى ؟ قال : إذا ظهرت المعازف والغناء ، واستحل الخمر . ابن أبي الدنيا
[ ص: 173 ] ورواه الترمذي من حديث مرفوعا بلفظ { عمران بن حصين } قال يكون في أمتي قذف وخسف ، فقال رجل من المسلمين متى ذلك يا رسول الله ؟ قال : إذا ظهرت المغنيات والمعازف وشربت الخمور الترمذي هذا حديث غريب .
وفي مسند الإمام أحمد وأبي داود عن رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } . إن الله حرم الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين ، وكل مسكر حرام
وفي لفظ آخر للإمام : { أحمد } . ورواه الإمام إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والغبيراء أيضا من حديث أحمد رضي الله عنهما بلفظ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } . إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام
قال الإمام ابن القيم : الكوبة الطبل ، قاله سفيان ، وقيل البربط ، والقنين هو الطنبور بالحبشية ، والتغبير الضرب به قاله إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى والله أعلم . ابن الأعرابي
( وأقبل ) من شخص من غير كراهة ( إن ) بكسر الهمزة حرف شرط جازم ، ويرجع فعل الشرط ، وينشد معطوف ، والجواب محذوف دل عليه قوله وأقبل ( يرجع ) في قوله كما ترجع الأعراب . قال في القاموس : الترجيع ترديد الصوت في الحلق وهو المراد هنا ، وفي الأذان ذكر الشهادتين جهرا بعد إخفائهما ( و ) أقبل منه أيضا من غير كراهة أن ( ينشد ) شعرا .