الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي :

الحمد لله الذي ليس له حد محدود فيتوى، ولا له أجل معدود فيفنى، ولا يحيط به جوامع المكان، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان، ولا يدرك نعمته بالشواهد والحواس، ولا يقاس صفات ذاته بالناس، تعاظم قدره عن مبالغ نعت الواصفين، وجل وصفه عن إدراك غاية [ ص: 2 ] الناطقين، وكل دون وصف صفاته تحبير اللغات، وضل عن بلوغ قصده تصريف الصفات، وجاز في ملكوته غامضات أنواع التدبير، وانقطع عن دون بلوغه عميقات جوامع التفكير، وانعقدت دون استبقاء حمده ألسن المجتهدين، وانقطعت إليه جوامع أفكار آمال المنكرين، إذ لا شريك له في الملك، ولا نظير، ولا مشير له في الحكم، ولا وزير، وأشهد أن لا إله إلا الله، أحصى كل شيء عددا، وضرب لكل امرئ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، وأشهد أن محمدا عبده المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالنور الساطع، والضياء اللامع، فبلغ عن الله عز وجل الرسالة، وأوضح فيما دعا إليه الدلالة، فكان في اتباع سنته لزوم الهدى، وفي قبول ما أتى به وجود السنا، فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين .

أما بعد، فإن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من عباده، واستخلصه لنفسه من بلاده فبعثه إلى خلقه بالحق بشيرا، ومن النار لمن زاغ عن سبيله نذيرا ; ليدعو الخلق من عباده إلى عبادته، [ ص: 3 ] ومن اتباع السبيل إلى لزوم طاعته، ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة، ولا الهرب عند وجود كل نازلة إلا إلى الذي أنزل عليه التنزيل، وتفضل على عباده بولايته التأويل، فسنته الفاصلة بين المتنازعين، وآثاره القاطعة بين الخصمين .

فلما رأيت معرفة السنن من أعظم أركان الدين، وأن حفظها يجب على أكثر المسلمين، وأنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من الصحيح، ولا صحة إخراج الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين، وكيفية ما كانوا عليه من الحالات - أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين، ومن الفقهاء من أهل الفضل، والصالحين، ومن سلك سبيلهم من الماضين، بحذف الأسانيد، والإكثار، ولزوم سلوك الاختصار; ليسهل على الفقهاء حفظها، ولا يصعب على الحفاظ وعيها، والله أسأل التوفيق لما أوصانا، والعون على ما له قصدنا، وأسأله أن يبني دار المقامة [ ص: 4 ] من نعمته، ومنتهى الغاية من كرامته، في أعلى درجة الأبرار المنتخبين الأخيار، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية