فلما دخلت السنة الرابعة عشرة : سار المسلمون إلى دمشق ،   وخالد بن الوليد  على مقدمة الناس ، وقد اجتمعت الروم  إلى رجل منهم يقال له : باهان ،   بدمشق ،  فعزل  عمر بن الخطاب   خالد بن الوليد  وأمر أبا عبيدة  [ ص: 203 ] ابن الجراح  على جميع الناس ، فاستحى أبو عبيدة  أن يقرئ خالدا  الكتاب ، وقال : أصبر حتى يفتح الله دمشق ،  فاقتتلوا قتالا شديدا وانهزم الروم  وتحصنوا ، فرابطها المسلمون حتى فتحت صلحا ، وأعطوا الجزية ، وكان قد أخذ الأبواب عنوة ، وجرى الصلح على يدي خالد ،  وكتب الكتاب باسمه ، ولحق باهان  بهرقل ،  وكان ذلك في رجب ، ومدة حصاره دمشق  ستة أشهر ، فلما فرغ المسلمون من دمشق  أقرأ أبو عبيدة  خالدا  الكتاب ، فانصرف خالد  إلى المدينة ،  وقد قيل : إن الصلح جرى على يد أبي عبيدة   . 
ثم خرج عمر  على الناس فقال : إني وجدت من عبيد الله  ابني ريح شراب ، وإني سائل عنه ، فإن كان مسكرا جلدته ، قال  السائب بن يزيد   : فشهدته بعد ذلك يحده ، وكان الذي حده  عبد الرحمن بن عبد ،  ثم ضرب أبا محجن الثقفي  وربيعة بن أمية بن خلف المخزومي  وحدهم في الخمر . 
ثم أمر عمر  من كان بالبلدان التي افتتحت أن يصلوا فيها التراويح في شهر رمضان ، وصلى بالناس بالمدينة  كذلك ، ثم قدم  جرير بن عبد الله البجلي  من اليمن  على عمر  في ركب من  [ ص: 204 ] بجيلة  فقال لهم عمر :  إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق ،  فسيروا إليهم ، وأنا أخرج لكم من كان منكم في قبائل العرب ، قالوا : نفعل يا أمير المؤمنين ، فأخرج إليهم قيسا  ، وكندة  ، وعرينة  ، وأمر عليهم  جرير بن عبد الله البجلي  ، فسار بهم إلى الكوفة  ، فلما بلغ قريبا من المثنى بن حارثة  كتب له المثنى ،  أقبل إلي إنما أنت لي مدد ، فكتب إليه جرير :  إني لست فاعلا إلا أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين ، أنت أمير وأنا أمير ، ثم سار جرير  نحو الجسر  فلقيه مهران بن باذان  عند النخيلة  فاقتتلوا قتالا شديدا ، وشد المنذر بن حسان  على مهران  فطعنه فوقع عن دابته ، واقتحم عليه  جرير بن عبد الله  فاحتز رأسه ، فاشتركا جميعا في سلبه . 
ثم إن  عمر بن الخطاب  أمر  سعد بن أبي وقاص  على العراق ،  ومعه ستة آلاف رجل ، وكتب إلى المثنى بن حارثة  وجرير بن عبد الله  أن اجتمعا إلى سعد ،  فسار سعد  بالمسلمين ، وسار المنذر  وجرير  إليه ، حتى نزل سعد  بشراف  وشتا بها ، واجتمع إليه الناس ، وتزوج سعد  امرأة المثنى سلمى بنت حفصة ،  ثم حج بالناس  عمر بن الخطاب   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					