الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 217 ] فلما دخلت السنة الثامنة عشرة ، أصاب الناس مجاعة شديدة ، فاستسقى لهم عمر وأخذ بيد العباس وقال : اللهم إنا نستسقي بعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما زال العباس قائما إلى جنبه وعيناه تهملان ، وعمر يلح في الدعاء حتى سقوا  ، فسمى هذه السنة سنة الرمادة ، وأجرى عمر الأقوات على المسلمين ، وكان يرزق الضعفاء القوت ، ونهى عن الحكرة حاطبا وغيره .

وكان طاعون عمواس  فتفانى الناس فيه ، فكتب عمر إلى أبي عبيدة : إنك أنزلت الناس أرضا عميقة فارفعهم إلى أرض مرتفعة ، فسار أبو عبيدة بالناس حتى نزل بالجابية ، ثم قام أبو عبيدة خطيبا فقال : أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه ، فمات من يومه ، واستخلف على الناس معاذ بن جبل ، فقام معاذ خطيبا بعده فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، إن معاذا يسأل الله أن يقسم له حظه ثم لأهل بيته ، فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ فمات ، ثم طعن معاذ في راحته فكان يقبل ظهر كفه ، وكان يقول : ما أحب أن لي بما فيك من الدنيا شيئا ، ثم مات ، واستخلف على الناس عمرو بن العاص ، فقام فيهم خطيبا فقال : أيها الناس ، إن هذا [ ص: 218 ] الوجع إذا وقع يشتعل اشتعال النار فارتفعوا عنه في الجبال . فمات في طاعون عمواس : يزيد بن أبي سفيان ، والحارث بن هشام بن المغيرة ، وسهيل بن عمرو ، وعتبة بن سهيل .

فلما بلغ عمر بن الخطاب موت أبي عبيدة بن الجراح ، ويزيد بن أبي سفيان ، أمر معاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها ، وأمر شرحبيل ابن حسنة على جند الأردن وخراجها ، وغرب عمر بن ربيعة بن أمية إلى خيبر ، ولحق بأرض الروم وتنصر ، فلم يغرب عمر بعد ذلك رجلا في شيء من عمله .

ولاعن عمر بين رجل وامرأته ، ورجع ساحرا بالبقيع ، ثم حج عمر بالناس ، فلما قدم بمكة أخر المقام مقام إبراهيم - وكان ملصقا بالبيت - في موضعه الذي هو فيه اليوم ، ورجع إلى المدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية