ثم إن الخوارج  اجتمعت على زيد بن حصين  وقالوا له : أنت سيدنا وشيخنا وعامل  عمر بن الخطاب  على الكوفة ،  تول أمرنا ، وجهروا به فقال : ما كنت لأفعلها ، فلما أبى عليهم ذلك ، ذهبوا إلى يزيد بن عاصم المحاربي  فعرضوا عليه أمرهم فأبى عليهم ذلك ، ثم ذهبوا إلى سعد بن وائل التميمي  فأبى عليهم ، فأتوا عبد الله بن وهب الراسبي  واجتمعوا عنده بقرب النهروان  ، وخرج إليهم علي  في جمعية ، فلما أتاهم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنكم أيها القوم قد علمتم وعلم الله أني كنت  [ ص: 296 ] للحكومة كارها حتى أشرتم علي بها وغلبتموني عليها والله بيني وبينكم شهيد ، ثم كتبنا بيننا وبينهم كتابا وأنتم على ذلك من الشاهدين ، فقالت طائفة من القوم : صدقت ورجعوا إلى الجماعة ، وبقيت طائفة منهم على قولهم ، فقال علي   : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا  الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا   . منهم أهل النهروان  ورب الكعبة ، ثم إنهم عبروا الجسر إلى علي  ليحاربوه ، فلما عبروا الجسر نادى علي  في العسكر : استقبلوهم ، فاستقبلوهم والتقطوهم بالرماح فكان مع علي  جمعية يسيرة إنما جاء على أن يردهم بالكلام ، وقد كانت الخوارج  قريبا من خمسة آلاف ، فلما فرغوا من قتلهم ، قال علي   : اطلبوا لي المخدع ، فطلبوه فلم يجدوه ، فقال : اطلبوا المخدع ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ، ثم دعا ببغلته البيضاء فركبها وجعل يقلب القتلى حتى أتى على فضاء من الأرض ، فقال : قلبوا هؤلاء ، فإذا هم برجل ليس له ساعد ، بين جنبيه ثدي فيه شعرات ، إذا مدت امتدت ، وإذا تركت قلصت ، فقال علي   : الله أكبر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم فيهم رجل مخدع اليد ، ولولا أن تنكلوا عن العمل لأنبأتكم بما وعد الله  [ ص: 297 ] الذين يقاتلونهم على لسان محمد  صلى الله عليه وسلم ،  ثم حج بالناس  عبد الله بن عباس   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					