[ ص: 100 ] وأيضا فإن وقد قال الله تعالى: من كان ابن سنتين كان في حكم الكتاب والسنة مستحقا أن يحجر عليه في بدنه، ويحجر عليه في ماله، حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد، فإنه يتيم، وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم . فمن لم تفوض الشريعة إليه أمر نفسه كيف تفوض إليه أمر الأمة؟ وكيف يجوز أن يكون إماما على الأمة من لا يرى ولا يسمع له خبر؟ مع أن الله لا يكلف العباد بطاعة من لا يقدرون على الوصول إليه، وله أربعمئة وأربعون سنة ينتظره من ينتظره وهو لم يخرج، إذ لا وجود له.
وكيف لم يظهر لخواصه وأصحابه المأمونين عليه كما ظهر آباؤه؟ وما الموجب لهذا الاختفاء الشديد دون غيره من الآباء؟ وما زال العقلاء قديما وحديثا يضحكون ممن يثبت هذا ويعلق دينه به، حتى جعل الزنادقة هذا وأمثاله طريقا إلى القدح في الملة وتسفيه عقول أهل الدين إذا كانوا يعتقدون مثل هذا.
لهذا قد اطلع أهل المعرفة على خلق كثير منافقين زنادقة يتسترون بإظهار هذا وأمثاله، ليستميلوا قلوب وعقول الضعفاء وأهل الأهواء، ودخل بسبب ذلك من الفساد ما الله به عليم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والله يصلح أمر هذه الأمة ويهديهم ويرشدهم.