الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة - وهي بيع الرطب بالتمر- لما في ذلك من بيع الربا بجنسه مجازفة، وباب الربا أشر من باب الميسر، ثم إنه أرخص في العرايا أن تباع بخرصها لأجل الحاجة، وأمر رجلا أن يبيع شجرة له في ملك الغير- لتضرره بدخوله عليه- أو يهبها له، فلما لم يفعل أمر بقلعها ، فأوجب عليه المعاوضة لرفع الضرر عن مالك العقار، كما أوجب للشريك أن يأخذ الشقص بثمنه رفعا لضرر المشاركة والمقاسمة- فكيف إذا كان الضرر ما ذكر؟

ومعلوم أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنها تقدر خير الخيرين بتفويت أدناهما، وتدفع شر الشرين باحتمال أدناهما، والفساد في ذلك أعظم مما يظن من حصول ضرر ما لأحد المتعاوضين، فإن هذا ضرر كبير محقق. وذاك إن حصل فيه ضرر فهو يسير قليل مشكوك فيه.

وأيضا فالمساقاة والمزارعة يعتمد فيها أمانة العامل، وقد يتعذر ذلك كثيرا فيحتاج الناس إلى المؤاجرة التي فيها مال مضمون في [ ص: 417 ] الذمة.

(ثم قال) : فهذا وجه من وجوه جواز المؤاجرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية