والغب يوم ويوم قال في المطلع في قوله : ويدهن غبا أي يدهن يوما ويدع يوما مأخوذ [ ص: 9 ] من غب الإبل قال الجوهري هو أن ترد الماء يوما وتدعه يوما قال : وأما فقال الغب في الزيارة الحسن : في كل أسبوع زر غبا تزدد حبا انتهى واقتصر الحجاوي في لغة إقناعه على أن الغب يوم بعد يوم وفي لامية ابن الوردي :
غب وزر غبا تزد حبا فمن
أكثر الترداد أصماه الملل
وفي نهاية رحمه الله تعالى فيه زر غبا تزدد حبا الغب في أوراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ، ثم تعود فنقله إلى الزيارة ، وإن جاء بعد أيام . ابن الأثير
وقال الحسن : في كل أسبوع ، وقال الحافظ ابن حجر في شرح في قول البخاري باب هل يزور صاحبه كل يوم بكرة وعشيا ، ونقل حديث غشيان النبي صلى الله عليه وسلم بيت البخاري أبي بكر بكرة وعشيا كأن رمز بالترجمة إلى توهين الحديث المشهور { البخاري } قال : وقد ورد من طرق أكثرها غرائب لا يخلو واحد منها من مقال . زر غبا تزدد حبا
وقد جمع طرقه أبو نعيم وغيره قال : وقد جمعتها في جزء مفرد قال : وأقوى طرقه ما أخرجه في تاريخ الحاكم نيسابور وغيره عن قال وجزم عائشة أبو عبيد في الأمثال بأنه من أمثال العرب ، وكان هذا الكلام شائعا في المتقدمين ، ثم أنشد لأبي الهلال بن العلاء :
الله يعلم أنني لك أخلص الثقلين قلبا
لكن لقول نبينا زوروا على الأيام غبا
ولقوله من زار غبا منكم يزداد حبا
لكن لقول نبينا من زار غبا زاد حبا
أقل زيارة الإخوان تزدد عندهم قربا
فإن المصطفى قد قال زر غبا تزد حبا
( وفي الفروع قد ذكر ابن الصيرفي الحراني في نوادره الشعر المشهور )
لا تضجرن عليلا في مساءلة إن العيادة يوم بين يومين
بل سله عن حاله وادع الإله له واجلس بقدر فواق بين حلبين
من زار غبا أخا دامت مودته وكان ذاك صلاحا للخليلين
وهذا اختيار الناظم ; ولذا قال : ( ومنهم ) أي المرضى ( الذي ) لا يحب التخفيف ، بل ( يؤثر ) أي يطلب ويحب ويقدم ( التطويل ) أي تطويل الجلوس عنده الكائن ( من ) صديق ونحو ( متورد ) أي طالب الورود إليه من ورد الماء ، والمراد من صديق عائد .
ففكر وراع في العيادة حال من تعود ولا تكثر سؤالا تنكد
( ف ) إذا فهمت هذا مع ما اختاره صاحب الفروع ف ( فكر ) أي استعمل فكرك في إطالة الجلوس عند من عدته وعدمها يدلك صحيح الفكر مع القرينة على الأصلح منها ، قال في القاموس : الفكر بالكسر ويفتح إعمال النظر في الشيء كالفكرة ، والفكري انتهى .
وفي مفتاح دار السعادة الفكر هو إحضار معرفتين في القلب يستثمر منهما معرفة ثالثة ، ومثال ذلك أحضر في قلبه العاجلة وعيشها ونعيمها وما تقترن به من الآفات وانقطاعه وزواله ، ثم أحضر في قلبه الآخرة ونعيمها ولذتها ودوامه وفضله على نعيم الدنيا وجزم بهذين العملين ، أثمر له ذلك علما ثالثا ، وهو أن الآخرة ونعيمها الفاضل الدائم أولى عند كل عاقل بإيثاره من العاجلة المنغصة ( و ) إذا وصل بك صحيح الفكر [ ص: 11 ] إلى المطلوب ( راع ) من المراعاة أي لاحظ وراقب بحس فكرك ( في العيادة ) للمريض ( حال من ) أي مريض عدته ، أو الذي ( تعود ) .
فإن كان يؤثر تكرار الزيارة كل يوم ولا مشقة عليك فلا بأس بإتيانه وإلا فبحسب ما يقدح فكرك من ذلك ، وكذا الإطالة في الجلوس وعدمها فزن ذلك بميزان فكرك الصحيح دون الوهم ، والخيال واعتبر قرائن الأحوال وضع يدك عليه .