مطلب : في كراهة إذا كان نوعا واحدا وعدمها إذا تعدد . جولان الأيدي في الطعام
( و ) يكره ( جولان ) مصدر من جال في الحرب جولة ، وفي الطواف جولا ويضم وجولا وجولانا محركة وجيلانا بالكسر واجتال طاف ، والمراد هنا إذا طاشت يده في الصحفة ، وأما الجولان بالسكون فجبل بالشام ، وإنما نسكن الواو في كلام الناظم للوزن ( أيد في طعام موحد ) النوع .
قال في الآداب الكبرى ويكره . ذكر هذا [ ص: 90 ] القيد أكله مما يلي غيره والطعام نوع واحد القاضي وغيرهما ، وإطلاق وابن عقيل الناظم يشمل ما إذا كان الآكل وحده ، وعبارة الآداب الكبرى تأباه .
وقال ابن أبي موسى من أئمة المذهب رضي الله عنه : وإذا أكلت مع غيرك فكل مما يليك . وفي الفروع : ويأكل بثلاثة أصابع مما يليه . قال جماعة : والطعام نوع واحد . قال الآمدي : لا بأس أي أن يأكل من غير ما يليه ، وهو وحده انتهى . ودليل كراهة جولان اليد في الطعام { كل مما يليك لعمر بن أبي سلمة } أخرجاه . قول النبي عليه الصلاة والسلام
فإن كان أنواعا فلا بأس فالذي نهى في اتحاد قد عفا في التعدد ( فإن كان ) الآكل وحده ، أو كان مع جماعة وكان الطعام ( أنواعا فلا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة في جولان اليد حينئذ ( فالذي نهى ) النبي صلى الله عليه وسلم عن جولان اليد فيه إنما هو ( في اتحاد ) أي نهيه عليه الصلاة والسلام إنما هو مع اتحاد النوع و ( قد عفا ) عن جولان اليد ( في ) أي مع ( التعدد ) في أنواع الطعام فله أن يأكل من حيث شاء ; لما روي عن عكراش بن ذؤيب التميمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { فقال : هل من طعام ؟ فأتينا بجفنة كثيرة الطعام ، والودك فأقبلنا نأكل منها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين يديه وجعلت أخبط في نواحيها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على يدي اليمنى ، ثم قال : يا أم سلمة عكراش كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد ، ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب ، أو تمر شك عبيد الله بن عكراش قال عكراش : فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق ، ثم قال : يا عكراش كل من حيث شئت ، فإنه من غير لون واحد ، ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، ثم مسح ببل كفيه وجهه وذراعيه ، ثم قال : يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار } . رواه أنه أخذ بيده فانطلق به إلى منزل في الغيلانيات ورواه أبو بكر الشافعي ابن ماجه والترمذي ، وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء ، وعبيد الله بن عكراش مجهول ، وقال فيه منكر الحديث ، وقال ابن حبان عن هذا الحديث لا يثبت ، والله تعالى أعلم . البخاري