والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه ، فهو شحيح قبل حصوله ، بخيل بعد حصوله . فالبخل ثمرة الشح ، والشح يدعو إلى البخل ، والشح كامن في النفس ، فمن بخل فقد أطاع شحه ، ومن لم يبخل فقد عصى شحه ووقي شره وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } والسخي قريب من الله ومن خلقه ومن أهله ، وقريب من الجنة وبعيد من النار . والبخيل بعيد من الله بعيد من خلقه بعيد من الجنة قريب من النار . فجود الرجل يحببه إلى أضداده ، وبخله يبغضه إلى أولاده ، وأنشد :
ويظهر عيب المرء في الناس بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه تغط بأثواب السخاء فإنني
أرى كل عيب والسخاء غطاؤه
قال وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول : { إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم أتدري لم اتخذتك خليلا ؟ قال لا ، قال : لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ } . قال وهذه صفة من صفات الرب جل جلاله ، فإنه يعطي ولا يأخذ ، ويطعم ولا يطعم ، وهو أجود الأجودين ، وأكرم الأكرمين ، وأحب الخلق إليه من اتصف بصفاته ، فإنه كريم يحب الكريم من عباده ، وعالم يحب العلماء ، وقادر يحب الشجعان ، وجميل يحب الجمال ، انتهى . .