فلما فرغ الناس من بيعة أبي بكر ،  وهو يوم الثلاثاء ، أقبلوا على جهازه - صلى الله عليه وسلم - فاختلفوا في غسله فقالوا : والله ما ندري أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثيابه كما نجرد موتانا ، أو نغسله وعليه ثيابه ؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم السبات حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره  [ ص: 158 ] ، ثم كلمهم متكلم من ناحية البيت - لا يدرى من هو – أن اغسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه ، فقاموا فغسلوه وعليه قميصه ، فأسنده علي  إلى صدره ، فكان العباس  ، والفضل ،  والقثم  يقلبونه ، وكان  أسامة بن زيد ،  وشقران مولياه يصبان عليه الماء ، وعلي  يغسله ويدلكه من ورائه ، لا يفضي بيده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : بأبي أنت وأمي ، ما أطيبك حيا وميتا ، ولم ير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء مما يرى من الميت . ثم كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سحولية ، ليس فيها قميص ولا عمامة ، أدرج فيها إدراجا ، ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالا ، بدأ به الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء ، ثم أدخل الصبيان ، ثم أدخل العبيد ، ولم يؤم الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد ، وكان  أبو عبيدة بن الجراح  يحفر كحفر أهل مكة ،  وكان أبو طلحة زيد بن سهل  يحفر كحفر أهل المدينة ،  وكان يلحد ، فدعا  العباس بن عبد المطلب  رجلين فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة ،  وقال للآخر : اذهب إلى  أبي طلحة ،  فقال : اللهم خر لرسولك ، فوجد صاحب  أبي طلحة  أبا طلحة  فجاء به فلحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان المسلمون اختلفوا في دفنه فقائل يقول : ندفنه في مسجده ، وقائل يقول : ندفنه مع أصحابه ، فقال أبو بكر   : سمعت  [ ص: 159 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض   " . فرفع فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي توفي عليه ، فحفر أبو طلحة  تحته ثم دفن - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأربعاء حين زاغت الشمس ، ونزل في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  علي بن أبي طالب ،  والفضل بن العباس ،  وقثم بن العباس ،  وشقران مولى رسول الله   - صلى الله عليه وسلم - ،  وطرح تحته قطيفة ، وكان آخرهم عهدا به قثم بن العباس ،  وكان  المغيرة بن شعبة  يقول : لا بل أنا ، وكان يحكي قصة . 
				
						
						
