الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فلما دخلت السنة الرابعة عشرة : سار المسلمون إلى دمشق ، وخالد بن الوليد على مقدمة الناس ، وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له : باهان ،  بدمشق ، فعزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد وأمر أبا عبيدة [ ص: 203 ] ابن الجراح على جميع الناس ، فاستحى أبو عبيدة أن يقرئ خالدا الكتاب ، وقال : أصبر حتى يفتح الله دمشق ، فاقتتلوا قتالا شديدا وانهزم الروم وتحصنوا ، فرابطها المسلمون حتى فتحت صلحا ، وأعطوا الجزية ، وكان قد أخذ الأبواب عنوة ، وجرى الصلح على يدي خالد ، وكتب الكتاب باسمه ، ولحق باهان بهرقل ، وكان ذلك في رجب ، ومدة حصاره دمشق ستة أشهر ، فلما فرغ المسلمون من دمشق أقرأ أبو عبيدة خالدا الكتاب ، فانصرف خالد إلى المدينة ، وقد قيل : إن الصلح جرى على يد أبي عبيدة .

ثم خرج عمر على الناس فقال : إني وجدت من عبيد الله ابني ريح شراب ، وإني سائل عنه ، فإن كان مسكرا جلدته ، قال السائب بن يزيد : فشهدته بعد ذلك يحده ، وكان الذي حده عبد الرحمن بن عبد ، ثم ضرب أبا محجن الثقفي وربيعة بن أمية بن خلف المخزومي وحدهم في الخمر .

ثم أمر عمر من كان بالبلدان التي افتتحت أن يصلوا فيها التراويح في شهر رمضان ، وصلى بالناس بالمدينة كذلك ، ثم قدم جرير بن عبد الله البجلي من اليمن على عمر في ركب من [ ص: 204 ] بجيلة فقال لهم عمر : إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق ، فسيروا إليهم ، وأنا أخرج لكم من كان منكم في قبائل العرب ، قالوا : نفعل يا أمير المؤمنين ، فأخرج إليهم قيسا ، وكندة ، وعرينة ، وأمر عليهم جرير بن عبد الله البجلي ، فسار بهم إلى الكوفة ، فلما بلغ قريبا من المثنى بن حارثة كتب له المثنى ، أقبل إلي إنما أنت لي مدد ، فكتب إليه جرير : إني لست فاعلا إلا أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين ، أنت أمير وأنا أمير ، ثم سار جرير نحو الجسر فلقيه مهران بن باذان عند النخيلة فاقتتلوا قتالا شديدا ، وشد المنذر بن حسان على مهران فطعنه فوقع عن دابته ، واقتحم عليه جرير بن عبد الله فاحتز رأسه ، فاشتركا جميعا في سلبه .

ثم إن عمر بن الخطاب أمر سعد بن أبي وقاص على العراق ، ومعه ستة آلاف رجل ، وكتب إلى المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله أن اجتمعا إلى سعد ، فسار سعد بالمسلمين ، وسار المنذر وجرير إليه ، حتى نزل سعد بشراف وشتا بها ، واجتمع إليه الناس ، وتزوج سعد امرأة المثنى سلمى بنت حفصة ، ثم حج بالناس عمر بن الخطاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية