ولما كثر الاختلاف بالمدينة  استأذن طلحة  والزبير  عليا  في العمرة   [ ص: 278 ] فقال لهما : ما العمرة تريدان ، وقد قلت لكما قبل بيعتكما لي : أيكما شاء بايعته ، فأبيتما إلا بيعتي ، وقد أذنت لكما ، فاذهبا راشدين ، فخرجا إلى مكة  ، وتبعهما  عبد الله بن عامر بن كريز ،  فلما لحقهما قال لهما : ارتحلا فقد بلغتما حاجتكما ، فاجتمعوا مع  عائشة  بمكة  وبها جماعة من بني أمية   . 
ثم جمع معاوية  أهل الشام  على محاربة علي  ، والطلب بالقود من دم عثمان ،  واحتال في  قيس بن سعد بن عبادة  وكان واليا على مصر  ، وكتب إلى علي  كتابا يمرغ فيه معاوية  ، فلما قرأ علي  الكتاب عزل قيسا  وولى عليها محمد بن أبي بكر   . 
وخرج قسطنطين بن هرقل  بالمراكب يريد المسلمين ، فسلط الله عليهم ريحا قاصفا فغرقهم ، ونجا قسطنطين بن هرقل  حتى انتهى إلى سقلية ،  فصنعت الروم  حماما ، فلما دخله قتلوه فيه وقالوا له : قتلت رجالنا . 
ثم حج بالناس  عبد الله بن عباس ،  أمره علي  على الحج ، فلما انصرف أجمع طلحة  والزبير  على المسير  بعائشة  ، فقال طلحة :  ما لنا أمر أبلغ في استمالة الناس إلينا من شخوص  ابن عمر  معنا ، وكان من أمره في عثمان  وخلافه له على ما يعلمه من يعلمه ، فأتاه طلحة  [ ص: 279 ] فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إن  عائشة  قصدت الإصلاح بين الناس فاشخص معنا فإن لنا بك أسوة ، فقال  ابن عمر :  أتخدعونني لتخرجوني كما تخرج الأرنب من جحرها ، إن الناس إنما يخدعون بالوصيف والوصيفة والدنانير والدراهم ، ولست من أولئك ، قد تركت هذا الأمر عيانا ، وأنا أدعى إليه في عافية ، فاطلبوا لأمركم غيري ، فقال طلحة : يغني الله عنك . 
وقدم  يعلى بن أمية  من اليمن   - وقد كان عاملا عليها - بأربعمائة من الإبل ، فدعاهم إلى الحملان ، فقال له الزبير :  دعنا من إبلك هذه ، ولكن أقرضنا من هذا المال ، فأعطاه ستين ألف دينار ، وأعطى طلحة  أربعين ألف دينار ، فتجهزوا وأعطوا من خف معهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					