فلما دخلت السنة الثامنة والثلاثون
بأذرح ، وحضر فيهم من أهل المدينة : سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن الزبير ، ولم يخرج وابن عمر ، علي بنفسه ، ووافى معاوية في أهل الشام ، وكان بينه وبين ما كان ، أبي موسى الأشعري وافترق الناس ورجعوا إلى أوطانهم ، وندم اجتمعوا لميعادهم مع الحكمين على حضوره عبد الله بن عمر أذرح ، فأحرم من بيت المقدس تلك السنة ورجع إلى مكة .
واستشار معاوية أصحابه في محمد بن أبي بكر وكان واليا على مصر ، فأجمعوا على المسير إليه ، فخرج في أربعة آلاف ، فيهم : عمرو بن العاص أبو الأعور السلمي ، ومعاوية بن حديج ، فالتقوا بالمسناة ، وقاتلوا قتالا شديدا ، وقتل كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي ، وانهزم محمد بن أبي بكر وقاتل حتى قتل ، وقد قيل : إنه أدخل في جوف حمار ميت ، [ ص: 298 ] ثم أحرق بالنار ، فلما بلغ عليا سرور معاوية بقتله قال : لقد حزنا عليه بقدر سرورهم بقتله ، ثم ولى علي الأشتر على مصر ، ومات صهيب بن سنان .
فلما بلغ معاوية خبر مسير الأشتر إلى مصر قال : إنه ليأتي وعامة أهل مصر أهل اليمن وهو يماني ، وكتب إلى دهقان بالعريش : إن احتلت في الأشتر فلك علي أن أخرج خراجك عشرين سنة ، فقدم الأشتر على امرأة من حمير يقال لها : ليلى بنت النعمان ، فتلطف له الدهقان وسأله : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : العسل ، قال : عندي عسل من عسل برقة لم ير مثله ، ثم قدمته إليه فسقته منه ، فمات من ساعته ، فبلغ ذلك معاوية فقال : إن لله جنودا في العسل ، ومات صفوان بن بيضاء في رمضان وكان قد شهد بدرا ، ومات سهل بن حنيف بالكوفة وصلي عليه ، وحج بالناس قثم بن العباس .