الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أول كتاب أتباع التابعين

قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي رضي الله عنه : حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ، قال : ثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، قال : سمعت أبان بن يزيد يحدث عن أبي حمزة عن زهدم الجرمي عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويحلفون ولا يستحلفون ، ويخونون ، ولا يؤتمنون ، ويفشو فيهم السمن  ، قال أبو حاتم رضي الله عنه : خير الناس قرنا بعد التابعين من [ ص: 2 ] لا يكون بينهم وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قرنا واحدا ، وهم أتباع التابعين الذين شافهوا من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى حفظوا عنهم العلم والآثار ، وكثرت عنايتهم في جميع الأخبار ، وأمعنوا في طلب الأحكام ، والتفقه فيها ، وضبط أقاويل السلف فيما لم ترد فيه سنة مع الاستنباط الصحيح من الدلائل الواضحة في الأصول التي هي مفزع العالم في الأحوال ، ورد سائر الفروع إلى ما تقدم من الأصول ، حتى حفظ الله جل وعلا بهم الدين على المسلمين ، وصانه عن ثلب القادحين ، وجعلهم أعلى من يقتدى بهم في الأمصار ، ويرجع إلى أقاويلهم في الآثار ، وإنا نملي أسماء الثقات منهم وأنسابهم وما يعرف من الوقوف على أنبائهم في هذا الكتاب على الشرط الذي ذكرناه فيما قبل من الطبقتين الأوليين عند تعري أخبارهم عن الخصال الخمس التي ذكرناها قبل ، ولست أعرج على جلالة الإنسان ولا قدره ولا تقدم السن ولا تأخره ; لأن القصد في ذكرهم اللقي دون الفضل والسن على ما أصلنا الكتاب عليه ، فكل من كان أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في اللقي - وإن تأخر موته - ضممناه إلى من استوى معه في اللقي ، وإن تقدم موته ، غير أني أذكر عند ذكر كل شيخ منهم شيخا دونه ، وآخر فوقه ; ليعتبر المتأمل للحفظ بهما ، فيقيس عليهما من ورائهما فكل خبر وجد من راويه [ ص: 3 ] ، شيخ ممن أذكره في هذا الكتاب فهو خبر صحيح ، إذا تعرى عن الخصال الخمس التي ذكرناها ، فيجب أن يعتبر ما قلنا ، حتى لا يلزق الوهن بأهل الصدق من الثقات ، وتعرى عنه أهل الأوابد والطامات ، وإنا نفصل أسماء أتباع التابعين ، ونذكر ما نعرف من أنساب المشهورين منهم وأوقات موتهم ، ونقصد في نظم أسمائهم المعجم ; ليكون أسهل عند البغية لمن أراد ; لعلمي بتعذر حفظ الكل منه على أكثر الناس ، وبالله بلوغ الحق فيه ، وهو مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية