مثل الماء الذي جرى في الأودية
وضرب الله مثلا ليبين الحق من الباطل فقال أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال
فالحق مثل الماء الذي جرى في الأودية فسالت أودية بقدرها أي اختلط الحق بالباطل لأن النفس جاءت بأباطيلها ومناها وشهواتها التي هي إلى فناء فمنتها فاغتر بها القلب والحق لا يفنى ولا يبلى فقوله (أنزل من السماء ماء أي القرآن شبه القرآن بالماء لأن فيه منفعة الدين من الأحكام والشرائع كما أن في المطر منفعة الدنيا ثم شبه القلوب بالأودية [ ص: 20 ] لأنه وجد النور في القلب منفذا ومجازا كما وجد الماء في هذه الأودية منفذا ومجازا ثم شبه القلوب بالسيل وشبه الباطل بالزبد الذي يعلو فوق الماء فكل قلب لم يتفكر ولم يعتبر ولم يرغب في الحق خذله الله تعالى ووجدت الظلمة والهوى في قلبه منفذا ومجازا كما أن السيل وجد في الأودية منفذا ومجازا فلما خذل هذا القلب احتمل الباطل كما احتمل السيل الزبد الرابي وإذا وجد القلب التوفيق فتفكر واعتبر احتمل الحق كما انتفع الناس من الماء الصافي ثم وصف الحق والباطل لصاحبهما فقال .(فأما الزبد فيذهب 46 جفاء يعني تذهب منفعته كذا الباطل تذهب منفعته على صاحبه في الدنيا والآخرة وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وهو الماء الصافي كذلك الحق شبه الحق بالماء الصافي لأنه تبقى منفعته لصاحبه في الدنيا والآخرة كما يبقى الماء لمن أخذه