الأجساد قوالب
ثم إن الله تعالى خلقنا فجعل أجسادنا قوالب للقلوب ونفوسنا معدنا للشهوات ورءوسنا معدنا للعقل وصدورنا معدنا للعلم وقلوبنا معدنا لكنوز المعرفة وأكبادنا موضعا للقوة ومجمعا للعروق التي تجري فيها القوة مع الدم وطحالنا معدن الرأفة وجعل فينا روحا حيا اشتمل على الجميع منا فظهرت الحركات بتلك الحياة .في جميعنا وأشرق في قلوبنا نور المحبة لتحيا قلوبنا بالله وكتم فيها نور الهداية لنهتدي في تلك الحركات بهدى الله الذي هدى به أحباءه وجعل المعرفة أميرا على العقل وخلق الهوى وجعله قرين العدو وجعل لهما سبيلا إليه حتى يوسوس العدو وجعل للهوى سلطانا حتى يقهر بسلطانه العقل ويطمس العلم ويحسم باب الكبر ويغلب الروح ويخدع [ ص: 321 ] النفس ويجعلها أميرا فإذا ذاقت النفس طعم الإمارة وعزها انخدعت ومرت معه فتظاهرا وخرجا على القلب فأخذاه بمنزلة خارجي متغلب خرج على والي الكورة فأخذه وقيده وسجنه وأوثقه وأغار على كنوزه وفرق جنوده وقعد أميرا فخرب الكورة وأفسد الرعية
فأمرنا ربنا جل وعلا بأمور ونهانا عما يفسد تدبيره فينا وهو المعاصي وذلك دواؤنا وشفاؤنا وصحة النفس من الأسقام أسقام الدين
ثم ينصحنا كما ينصح الطبيب الرفيق بشفاء الدواء
ثم حذرك عن أشياء وأمرك بالحماية عنها فحذرنا ربنا اتباع الهوى وزينة الدنيا ومكايدة العدو وإجابة دعوته وأيدك بالعلم والعقل والمعرفة والحفظ والذهن والفطنة وأيدك بكلامه المهيمن على الكتب نورا وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة وأيدك بأسمائه تسعة وتسعين