مثل من سار إلى الله حتى وصل إلى محل القربة
مثل من سار بقلبه إلى الله عز وجل حتى وصل إلى .محل القربة وأعطي سراجا يمشي به في أموره ليكون على بصيرة مثل رجل سار في ليلة مظلمة في طريق فهو يتعسفه فوجد سراجا يستضيء به فإن لم يكن معه ما يكن سراجه من الريح فهاجت ريح لم يأمن من انطفائه فليس هذا بأمر محكم ولا وثيق فكذلك من سار إلى الله فوصل إلى محل القربة فأعطي سراجا يمشي به في أموره ليكون على بصيرة فهو على خطر عظيم لأنه إذا وجد السراج ونفسه حية بعد والهوى منه بمرصد مع العدو فطالع بذلك السراج سعة أموره وعرفه بصفاته وأشرق في صدره نور ذلك الجمال ونور البهاء ونور البهجة فامتلأ صدره فرجا وطالع كرمه وجوده ومجده فهاجت رياح الشهوات منه لعوارض الدنيا التي يلوح له بها العدو ويرجو بذلك سقطته فتحيرت نفسه وتشجعت [ ص: 127 ] على الأمور فرمت به في أودية المهالك فإذا كاس العبد واستعمل الكياسة تجنب أسباب الآفات وأبقى على عطاياه التي أعطي في محل القربة إبقاء رجل لبس ثوبا خطيرا ذا ثمن فصانه أن يلبسه في وقت هيجان الرياح واغبرار الهواء اتقاء على ذهاب طراوته وحاسب نفسه على الدقيق والجليل وكبح بلجام النفس على التجري والتجشع ولزم الدعاء والتضرع وألح في طلب الثبات ولم يدخل في أمر من الأمور إلا بإذن وأودع الله نفسه ودينه وأمانته فإذا كان هكذا رفع من هذه المرتبة إلى القبضة فإذا وقع في القبضة وقع في الثبات والحرز والحفظ والمأمن وصار به يسمع ويبصر وينطق وبه يعقل ويبطش وبه يمشي فقد وقع سراجه في الكن ولا تقدر الريح أن تطفئه