مثل المؤمن المخلط
ومثل المؤمن المخلط مثل من باع دارا هو فيها ساكن فلما قيل له سلم ما بعت قام من موضعه .وجمع ثقله في زاوية أخرى من الدار وجلس ثمة فإذا قيل له ثانيا سلم ما بعت ذهب إلى زاوية أخرى مع ثقله ولا يزال دأبه هكذا في التسليم يتحول من مكان إلى مكان ويفرغ ناحية ويشغل أخرى إلى أن يقبض الثمن ويسلم ويخرج منها فالمؤمن من شرطه تسليم النفس إلى الله تعالى في كل شيء فلو اقتحم النهي وفرط في الأمر صار كمن سلم بعض النفس دون البعض كمن تحول من زاوية إلى زاوية لا تسخو نفسه بتسليم ما باع فالمسلم باع نفسه وماله من مولاه [ ص: 49 ] يقول له إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين وصير تسليمه في عشر خصال مذكورة في الآية وجعل منها الجنة فكلما وفى تحصيله منها فقد سلم جزءا من المبيع ثم مع هذا يقتضي ربه الثمن فلو عقل هذا كيف يستحيي من ربه اليوم إلى أن يجيء قبض الثمن