الباب الثامن
في معرفة النية وكيفية اشتراطها في الصلاة
وأما النية : فاتفق العلماء على كونها شرطا في صحة الصلاة لكون الصلاة هي رأس العبادات التي وردت في الشرع لغير مصلحة معقولة : ( أعني : من المصالح المحسوسة ) واختلفوا وفي الوجوب حتى لا يجوز أن يصلي المأموم ظهرا بإمام يصلي عصرا ؟ ولا يجوز أن يصلي الإمام ظهرا يكون في حقه نفلا ، وفي حق المأموم فرضا ؟ فذهب هل من شرط نية المأموم أن توافق نية الإمام في تعيين الصلاة مالك وأبو حنيفة إلى أنه يجب أن توافق نية المأموم نية الإمام ، وذهب إلى أنه ليس يجب . الشافعي
والسبب في اختلافهم : معارضة مفهوم قوله - عليه الصلاة والسلام - : " " لما جاء في حديث إنما جعل الإمام ليؤتم به معاذ من أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي بقومه ، فمن رأى ذلك خاصا لمعاذ ، وأن عموم قوله - عليه الصلاة والسلام - " " يتناول النية اشترط موافقة الإمام للمأموم . إنما جعل الإمام ليؤتم به
ومن رأى أن الإباحة لمعاذ في ذلك هي إباحة لغيره من سائر المكلفين وهو الأصل قال : لا يخلو الأمر في ذلك الحديث الثاني من أحد أمرين : إما أن يكون ذلك العموم الذي فيه لا يتناول النية ; لأن ظاهره إنما هو في الأفعال ، فلا يكون بهذا الوجه معارضا لحديث معاذ ، وإما أن يكون يتناولها فيكون حديث معاذ قد خصص ذلك العموم .
وفي النية مسائل ليس لها تعلق بالمنطوق به من الشرع رأينا تركها إذ كان غرضنا على القصد الأول إنما هو الكلام في المسائل التي تتعلق بالمنطوق به من الشرع .