بسم الله الرحمن الرحيم  
وصلى الله على سيدنا  محمد   وآله وصحبه وسلم تسليما .  
كتاب الجعل  
والجعل : هو  الإجارة على منفعة مظنون حصولها   ، مثل مشارطة الطبيب على البرء ، والمعلم على الحذاق ، والناشد على وجود العبد الآبق .  
وقد اختلف العلماء في منعه وجوازه : فقال  مالك     : يجوز ذلك في اليسير بشرطين : أحدهما : أن لا يضرب لذلك أجلا . والثاني : أن يكون الثمن معلوما . وقال  أبو حنيفة     : لا يجوز;   وللشافعي  قولان .  
 [ ص: 587 ] وعمدة من أجازه : قوله تعالى : (  ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم      ) ، وإجماع الجمهور على جوازه في الإباق والسؤال . وما جاء في الأثر من أخذ  الثمن على الرقية   بأم القرآن ، وقد تقدم ذلك .  
وعمدة من منعه : الغرر الذي فيه قياسا على سائر الإجارات .  
ولا خلاف في مذهب  مالك  أن  الجعل لا يستحق شيء منه إلا بتمام العمل   ، وأنه ليس بعقد لازم .  
واختلف  مالك  ، وأصحابه في هذا الباب في كراء السفينة; هل هو جعل أو إجارة ؟ فقال  مالك     : ليس لصاحبها كراء إلا بعد البلوغ ، وهو قول  ابن القاسم  ذهابا إلى أن حكمها حكم الجعل . وقال  ابن نافع  من أصحابه : له قدر ما بلغ من المسافة ، فأجرى حكمه مجرى الكراء . وقال  أصبغ     : إن لجج فهو جعل ، وإن لم يلجج فهو إجارة له بحسب الموضع الذي وصل إليه .  
والنظر في هذا الباب في جوازه ومحله ، وشروطه ، وأحكامه ، ومحله هو ما كان من الأفعال لا ينتفع الجاعل بجزء منه; لأنه إذا انتفع الجاعل بجزء مما عمل الملتزم للجعل ( هكذا بالنسخ ، ولعله للعمل; لأن الملتزم للجعل هو المنتفع ، أو تجعل اللام للعلة ، تأمل ا هـ مصححه ) ، ولم يأت بالمنفعة التي انعقد الجعل عليها ، وقلنا على حكم الجعل إنه إذا لم يأت بالمنفعة التي انعقد الجعل عليها لم يكن له شيء ، فقد انتفع الجاعل بعمل المجعول من غير أن يعوضه من عمله بأجر ، وذلك ظلم; ولذلك يختلف الفقهاء في كثير من المسائل هل هو جعل أو إجارة ؟ مثل مسألة السفينة المتقدمة هل هي مما يجوز فيها الجعل ، أو لا يجوز ؟ مثل اختلافهم في المجاعلة على حفر الآبار ، وقالوا في المغارسة : إنها تشبه الجعل من جهة ، والبيع من جهة ، وهي عند  مالك  أن يعطي الرجل أرضه لرجل على أن يغرس فيه عددا من الثمار معلوما ، فإذا استحق الثمر كان للغارس جزء من الأرض متفق عليه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					