المسألة السادسة
[ شروط المسح على الخفين ]
وأما شرط المسح على الخفين ، فهو أن ، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافا شاذا . وقد روي عن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء ابن القاسم عن مالك . ذكره ابن لبابة في المنتخب ، وإنما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة وغيره إذا أراد أن ينزع الخف عنه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " " والمخالف حمل هذه الطهارة على الطهارة اللغوية . دعهما فإني أدخلتهما وهما طاهرتان
واختلف الفقهاء من هذا الباب فيمن غسل رجليه ولبس خفيه ، ثم أتم وضوءه هل يمسح عليهما ؟ فمن لم ير أن الترتيب واجب ورأى أن الطهارة تصح لكل عضو قبل أن تكمل الطهارة لجميع الأعضاء قال بجواز ذلك ، ومن رأى أن الترتيب واجب ، وأنه لا تصح طهارة العضو إلا بعد طهارة جميع أعضاء الطهارة لم يجز ذلك ، وبالقول الأول قال أبو حنيفة ، وبالقول الثاني قال الشافعي ومالك ، إلا أن مالكا لم يمنع ذلك من جهة الترتيب ، وإنما منعه من جهة أنه يرى أن الطهارة لا توجد للعضو إلا بعد كمال جميع الطهارة ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : " " فأخبر عن الطهارة الشرعية . وهما طاهرتان
وفي بعض روايات المغيرة : " " وعلى هذه الأصول يتفرع الجواب فيمن لبس أحد خفيه بعد أن غسل إحدى رجليه وقبل أن يغسل الأخرى ; فقال إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما مالك : لا يمسح على الخفين ; لأنه لابس للخف قبل تمام الطهارة ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
وقال أبو حنيفة والثوري والمزي والطبري وداود : يجوز له المسح ، وبه قال جماعة من أصحاب مالك ، منهم مطرف وغيره ، وكلهم أجمعوا أنه لو نزع الخف الأول بعد غسل الرجل الثانية ، ثم لبسها جاز له المسح ، وهل من شرط المسح على الخف أن لا يكون على خف آخر عن مالك فيه قولان .
وسبب الخلاف : هل كما تنتقل طهارة القدم إلى الخف إذا ستره الخف ، كذلك تنتقل طهارة الخف الأسفل الواجبة إلى الخف الأعلى ؟ فمن شبه النقلة الثانية بالأولى أجاز المسح على الخف الأعلى ، ومن [ ص: 24 ] لم يشبهها بها وظهر له الفرق لم يجز ذلك .