الفصل السادس
في نصاب العروض
والنصاب في العروض على مذهب القائلين بذلك إنما هو فيما اتخذ منها للبيع خاصة على ما يقدر قبل ، والنصاب فيها على مذهبهم : هو النصاب في العين; إذ كانت هذه هي قيم المتلفات ورءوس الأموال ، وكذلك الحول في العروض عند الذين أوجبوا الزكاة في العروض ، فإن مالكا قال : إذا باع العروض زكاه لسنة واحدة كالحال في الدين، وذلك عنده في التاجر الذي تضبط له أوقات شراء عروضه . وأما الذين لا ينضبط لهم وقت ما يبيعونه ولا يشترونه وهم الذين يخصون باسم المدير ، فحكم هؤلاء عند مالك إذا حال عليهم الحول من يوم ابتداء تجارتهم إلى أن يقوم ما بيده من العروض ، ثم يضم إلى ذلك ما بيده من العين وماله من الدين الذي يرتجى قبضه إن لم يكن عليه دين مثله ، وذلك بخلاف قوله في دين غير المدير ، فإذا بلغ ما اجتمع عنده من ذلك نصابا أدى زكاته ، وسواء نض له في عامه شيء من العين أو لم ينض ، بلغ نصابا أو لم يبلغ نصابا ، وهذه رواية عن ابن الماجشون مالك ، وروى ابن القاسم عنه : إذا لم يكن له ناض وكان يتجر بالعروض لم يكن عليه في العروض شيء .
فمنهم من لم يشترط وجود الناض عنده ، ومنهم من شرطه . والذي شرطه : منهم من اعتبر فيه النصاب ، ومنهم من لم يعتبر ذلك .
وقال المازني : زكاة العروض تكون من أعيانها لا من أثمانها .
وقال الجمهور - الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري وغيرهم - : المدير وغير المدير حكمه واحد ، وأنه من اشترى عرضا للتجارة فحال عليه الحول قومه وزكاه . والأوزاعي
وقال قوم : بل يزكي ثمنه الذي ابتاعه به لا قيمته .
وإنما لم يوجب الجمهور على المدير شيئا لأن الحول إنما يشترط في عين المال لا في نوعه . وأما مالك فشبه النوع هاهنا بالعين لئلا تسقط الزكاة رأسا عن المدير .
وهذا هو بأن يكون شرعا زائدا أشبه منه بأن يكون شرعا مستنبطا من شرع ثابت ، ومثل هذا هو الذي يعرفونه بالقياس المرسل ، وهو الذي لا يستند إلى أصل منصوص عليه في الشرع إلا ما يعقل من المصلحة [ ص: 226 ] الشرعية فيه ، ومالك - رحمه الله - يعتبر المصالح وإن لم يستند إلى أصول منصوص عليها .