[ المسألة الثالثة ]  
[  حول الفوائد الواردة على مال تجب فيه الزكاة      ]  
وأما المسألة الثالثة : وهي حول الفوائد ، فإنهم أجمعوا على أن المال إذا كان أقل من نصاب ، واستفيد إليه مال من غير ربحه يكمل من مجموعهما نصاب ، أنه يستقبل به الحول من يوم كمل .  
واختلفوا إذا استفاد مالا وعنده نصاب مال آخر قد حال عليه الحول : فقال  مالك     : يزكي المستفاد إن كان نصابا لحوله ، ولا يضم إلى المال الذي وجبت فيه الزكاة ، وبهذا القول في الفوائد قال   الشافعي     . وقال  أبو حنيفة  وأصحابه   والثوري     : الفوائد كلها تزكى بحول الأصل إذا كان الأصل نصابا ، وكذلك الربح عندهم .  
وسبب اختلافهم : هل حكمه حكم المال الوارد عليه ؟ أم حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر ؟ فمن قال حكمه حكم مال لم يرد على مال آخر ؟ - أعني : مالا فيه زكاة - قال : لا زكاة في الفائدة ، ومن جعل حكمه حكم الوارد عليه وأنه مال واحد قال : إذا كان في الوارد عليه الزكاة بكونه نصابا اعتبر حوله بحول المال الوارد عليه .  
وعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : "  لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول     " يقتضي أن لا يضاف مال إلى مال إلا بدليل ، وكأن   أبا حنيفة  اعتمد في هذا قياس الناض على الماشية ، ومن أصله الذي يعتمده في هذا الباب أنه ليس من شرط الحول أن يوجد المال نصابا في جميع أجزائه ، بل أن يوجد نصابا في طرفيه فقط وبعضا منه في كله ، فعنده أنه إذا كان مال في أول الحول نصابا ، ثم هلك بعضه فصار أقل من نصاب ، ثم استفاد مالا في آخر الحول صار به نصابا أنه تجب فيه الزكاة ، وهذا عنده موجود في هذا المال      [ ص: 228 ] لأنه لم يستكمل الحول ، وهو في جميع أجزائه مال واحد بعينه ، بل زاد ولكن ألفي في طرفي الحول نصابا ، والظاهر أن الحول الذي اشترط في المال إنما هو في مال معين لا يزيد ولا ينقص لا بربح ولا بفائدة ولا بغير ذلك ، إذ كان المقصود بالحول هو كون المال فضلة مستغنى عنه ، وذلك أن ما بقي حولا عند المالك لم يتغير عنده فليس به حاجة إليه ، فجعل فيه الزكاة ، فإن الزكاة إنما هي في فضول الأموال .  
وأما من رأى أن اشتراط الحول في المال إنما سببه النماء فواجب عليه أن يقول : تضم الفوائد فضلا عن الأرباح إلى الأصول ، وأن يعتبر النصاب في طرفي الحول ، فتأمل هذا فإنه بين - والله أعلم .  
ولذلك رأى  مالك  أن من كان عنده في أول الحول ماشية تجب فيها الزكاة ثم باعها وأبدلها في آخر الحول بماشية من نوعها أنها تجب فيها الزكاة ، فكأنه اعتبر أيضا طرفي الحول على مذهب  أبي حنيفة  ، وأخذ أيضا ما اعتمد  أبو حنيفة  في فائدة الناض القياس على فائدة الماشية على ما قلناه .  
				
						
						
