القول في ميقات الزمان
وأما ميقات الزمان : فهو محدود أيضا في أنواع الحج الثلاث ، وهو باتفاق . وقال شوال وذو القعدة وتسع من ذي [ ص: 271 ] الحجة مالك : الأشهر كلها محل للحج . وقال : الشهران وتسع من ذي الحجة . وقال الشافعي أبو حنيفة : عشر فقط .
ودليل قول مالك عموم قوله - سبحانه وتعالى - : ( الحج أشهر معلومات ) فوجب أن يطلق على جميع أيام ذي الحجة ، أصله انطلاقه على جميع أيام شوال وذي القعدة .
ودليل الفريق الثاني : انقضاء الإحرام قبل تمام الشهر الثالث بانقضاء أفعاله الواجبة .
وفائدة الخلاف تأخر طواف الإفاضة إلى آخر الشهر .
وإن كرهه أحرم بالحج قبل أشهر الحج مالك ، ولكن صح إحرامه عنده . وقال غيره : لا يصح إحرامه . وقال : ينعقد إحرامه إحرام عمرة . الشافعي
فمن شبهه بوقت الصلاة قال : لا يقع قبل الوقت ، ومن اعتمد عموم قوله - تعالى - : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قال : متى أحرم انعقد إحرامه لأنه مأمور بالإتمام ، وربما شبهوا الحج في هذا المعنى بالعمرة ، وشبهوا ميقات الزمان بميقات العمرة . فأما مذهب فهو مبني على أن من التزم عبادة في وقت نظيرتها انقلبت إلى النظير ، مثل أن يصوم نذرا في أيام رمضان ، وهذا الأصل فيه اختلاف في المذهب . الشافعي
وأما العمرة : فإن العلماء اتفقوا على جوازها في كل أوقات السنة لأنها كانت في الجاهلية لا تصنع في أيام الحج ، وهو معنى قوله - عليه الصلاة والسلام - : " " . وقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة أبو حنيفة : تجوز في كل السنة إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق فإنها تكره .
واختلفوا في تكريرها في السنة الواحدة مرارا ، فكان مالك يستحب عمرة في كل سنة ، ويكره وقوع عمرتين عنده وثلاثا في السنة الواحدة . وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا كراهية في ذلك .
فهذا هو القول في شروط الإحرام الزمانية والمكانية ، وينبغي بعد ذلك أن نصير إلى القول في الإحرام ، وقبل ذلك ينبغي أن نقول في تروكه ، ثم نقول بعد ذلك في الأفعال الخاصة بالمحرم إلى حين إحلاله ، وهي أفعال الحج كلها وتروكه ، ثم نقول في أحكام الإخلال بالتروك والأفعال ، ولنبدأ بالتروك .