[ 2 - الطيب ]
وأما الشيء الثاني من المتروكات فهو الطيب ، وذلك أن العلماء أجمعوا على أن بالحج والعمرة في حال إحرامه . الطيب كله يحرم على المحرم
واختلفوا في جوازه للمحرم عند الإحرام قبل أن يحرم لما يبقى من أثره عليه بعد الإحرام ، فكرهه قوم وأجازه آخرون ، وممن كرهه مالك ، ورواه عن ، وهو قول عثمان عمر بن الخطاب وجماعة من التابعين . وممن أجازه وابن عمر أبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد وداود ، والحجة لمالك - رحمه الله - من جهة الأثر حديث ثبت في الصحيحين ، وفيه : " صفوان بن يعلى " - اختصرت الحديث ، وفقهه هو الذي ذكرت . أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجبة مضمخة بطيب ، فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب ؟ فأنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أفاق قال : أين السائل عن العمرة آنفا ؟ فالتمس الرجل فأتي به ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : أما الطيب الذي بك فاغسله عنك ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع ما شئت في عمرتك كما تصنع في حجتك
وعمدة الفريق الثاني : ما رواه مالك عن عائشة أنها قالت : " كنت " . أطيب رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت
واعتل الفريق الأول بما روي عن عائشة أنها قالت - وقد بلغها إنكار ابن عمر - : " تطيب المحرم قبل إحرامه أبا عبد الرحمن طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطاف على نسائه ثم أصبح محرما " . قالوا : وإذا طاف على نسائه اغتسل ، فإنما يبقى عليه أثر ريح الطيب لا جرمه نفسه . قالوا : ولما كان الإجماع قد انعقد على أن كل ما لا يجوز للمحرم ابتداؤه وهو محرم ، مثل لبس الثياب وقتل الصيد، لا يجوز له استصحابه وهو محرم ، فوجب أن يكون الطيب كذلك . يرحم الله
فسبب الخلاف : تعارض الآثار في هذا الحكم .