[ المسألة الرابعة ]
[ هل يجب السلب للقاتل دون أن ينفله الإمام ؟ ]
وأما المسألة الرابعة : وهي هل يجب ، أو ليس يجب إلا إن نفله له الإمام ؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال سلب المقتول للقاتل مالك : لا يستحق القاتل سلب المقتول إلا أن ينفله له الإمام على جهة الاجتهاد ، وذلك بعد الحرب ، وبه قال أبو حنيفة . وقال والثوري ، الشافعي وأحمد ، ، وأبو ثور وإسحاق ، وجماعة السلف : واجب للقاتل ، قال ذلك الإمام أو لم يقله .
ومن هؤلاء من جعل السلب له على كل حال ولم يشترط في ذلك شرطا . ومنهم من قال : لا يكون له السلب إلا إذا قتله مقبلا غير مدبر ، وبه قال . ومنهم من قال : إنما يكون السلب للقاتل إذا كان القتل قبل معمعة الحرب أو بعدها ، وأما إن قتله في حين المعمعة فليس له سلب ، وبه قال الشافعي . وقال قوم : إن استكثر الإمام السلب جاز أن يخمسه . الأوزاعي
وسبب اختلافهم هو احتمال قوله عليه الصلاة والسلام يوم حنين بعدما برد القتال : " " أن يكون ذلك منه عليه الصلاة والسلام على جهة النفل ، أو على جهة الاستحقاق للقاتل ، من قتل قتيلا فله سلبه ومالك رحمه الله قوي عنده أنه على جهة النفل من قبل أنه لم يثبت عنده أنه قال ذلك عليه الصلاة والسلام; ولا قضى به إلا أيام حنين ، ولمعارضة آية الغنيمة له إن حمل ذلك على الاستحقاق ( أعني : قوله تعالى : [ ص: 326 ] ( واعلموا أنما غنمتم من شيء ) الآية . فإنه لما نص في الآية على أن الخمس لله علم أن الأربعة الأخماس واجبة للغانمين ، كما أنه لما نص على الثلث للأم في المواريث علم أن الثلثين للأب .
قال أبو عمر : وهذا القول محفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في حنين وفي بدر .
وروي عن أنه قال : " كنا لا نخمس السلب على عهد رسول صلى الله عليه وسلم " . عمر بن الخطاب
وخرج أبو داود عن ، عوف بن مالك الأشجعي : " وخالد بن الوليد " . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل
وخرج عن ابن أبي شيبة أن أنس بن مالك حمل على مرزبان يوم الدارة فطعنه طعنة على قربوس سرجه فقتله ، فبلغ سلبه ثلاثين ألفا ، فبلغ ذلك البراء بن مالك فقال عمر بن الخطاب لأبي طلحة : إنا كنا لا نخمس السلب ، وإن سلب البراء قد بلغ مالا كثيرا ، ولا أراني إلا خمسته . قال : قال : فحدثني ابن سيرين أنه أول سلب خمس في الإسلام ، وبهذا تمسك من فرق بين السلب القليل والكثير . أنس بن مالك
واختلفوا في السلب الواجب ما هو ؟ فقال قوم : له جميع ما وجد على المقتول ، واستثنى قوم من ذلك الذهب والفضة .