المسألة الثانية  
[ 3 -  نوم وأكل وجماع الجنب      ]  
اختلف الناس في إيجاب الوضوء على الجنب في أحوال : أحدها إذا أراد أن ينام وهو جنب ; فذهب الجمهور إلى استحبابه دون وجوبه ، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث  عمر     : "  أنه ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه جنابة من الليل ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم     " وهو أيضا مروي عنه من طريق  عائشة     .  
وذهب الجمهور إلى حمل الأمر بذلك على الندب ، والعدول به عن ظاهره لمكان عدم مناسبة وجوب الطهارة لإرادة النوم ( أعني المناسبة الشرعية ) وقد احتجوا أيضا لذلك بأحاديث ، أثبتها حديث   ابن عباس     : "  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء فأتي بطعام ، فقالوا : ألا نأتيك بطهر ؟ فقال : أأصلي فأتوضأ ؟ .  
وفي بعض رواياته : فقيل له : ألا تتوضأ ؟ فقال : ما أردت الصلاة فأتوضأ     " والاستدلال به ضعيف ، فإنه من باب مفهوم الخطاب من أضعف أنواعه ، وقد احتجوا بحديث  عائشة     "  أنه - عليه الصلاة والسلام - كان ينام وهو جنب لا يمس الماء     " إلا أنه حديث ضعيف .  
 [ ص: 40 ] وكذلك اختلفوا في وجوب الوضوء على الجنب الذي يريد أن يأكل أو يشرب ، وعلى الذي يريد أن يعاود أهله ، فقال الجمهور في هذا كله بإسقاط الوجوب لعدم مناسبة الطهارة لهذه الأشياء ، وذلك أن الطهارة إنما فرضت في الشرع لأحوال التعظيم كالصلاة ، وأيضا فلمكان تعارض الآثار في ذلك ، وذلك أنه روي عنه - عليه الصلاة والسلام - "  أنه أمر الجنب إذا أراد أن يعاود أهله أن يتوضأ     " وروي عنه  أنه كان يجامع ثم يعاود ولا يتوضأ     . وكذلك روي عنه منع الأكل والشرب للجنب حتى يتوضأ ، وروي عنه إباحة ذلك .  
				
						
						
