الفصل الثاني
nindex.php?page=treesubj&link=4192فيما يلزم من النذور وما لا يلزم .
- وأما ما يلزم من هذه النذور وما لا يلزم ، فإنهم اتفقوا على لزوم النذر المطلق في القرب إلا ما حكي عن بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن النذر المطلق لا يجوز ، وإنما اتفقوا على لزوم النذر المطلق إذا كان على وجه الرضا لا على وجه اللجاج ; وصرح فيه بلفظ النذر لا إذا لم يصرح ، وسواء كان النذر مصرحا فيه بالشيء المنذور أو كان غير مصرح .
وكذلك أجمعوا على لزوم النذر الذي مخرجه مخرج الشرط إذا كان نذرا بقربة ، وإنما صاروا لوجوب النذر لعموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) . ولأن الله تعالى قد مدح به فقال : يوفون بالنذر . وأخبر بوقوع العقاب بنقضه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله الآية ، إلى قوله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77وبما كانوا يكذبون ) .
والسبب في اختلافهم في التصريح بلفظ النذر في النذر المطلق : هو اختلافهم في هل يجب النذر بالنية واللفظ معا أو بالنية فقط ؟ فمن قال بهما معا إذا قال : لله علي كذا وكذا ; ولم يقل : نذرا لم يلزمه شيء ، لأنه إخبار بوجوب شيء لم يوجبه الله عليه ، إلا أن يصرح بجهة الوجوب . ومن قال ليس من شرطه اللفظ قال : ينعقد النذر وإن لم يصرح بلفظه ، وهو مذهب
مالك ( أعني : أنه إذا لم يصرح بلفظ النذر أنه يلزم ) ، وإن كان من مذهبه أن النذر لا يلزم إلا بالنية واللفظ ، لكن رأى أن حذف لفظ النذر من القول غير معتبر ، إذ كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر النذر وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر ، وهذا مذهب الجمهور ، والأول مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
ويشبه أن يكون من لم ير لزوم النذر المطلق إنما فعل ذلك من قبل أنه حمل الأمر بالوفاء على الندب ، وكذلك من اشترط فيه الرضا ; فإنما اشترطه لأن القربة إنما تكون على جهة الرضا ، لا على جهة اللجاج ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وأما
مالك فالنذر عنده لازم على أي جهة وقع ، فهذا ما اختلفوا في لزومه من جهة اللفظ .
وأما ما اختلفوا في لزومه من جهة الأشياء المنذور بها : فإن فيه من المسائل الأصول اثنتين :
الْفَصْلُ الثَّانِي
nindex.php?page=treesubj&link=4192فِيمَا يَلْزَمُ مِنَ النُّذُورِ وَمَا لَا يَلْزَمُ .
- وَأَمَّا مَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ النُّذُورِ وَمَا لَا يَلْزَمُ ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ فِي الْقُرَبِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَجُوزُ ، وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا لَا عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ ; وَصُرِّحَ فِيهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ لَا إِذَا لَمْ يُصَرَّحْ ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّذْرُ مُصَرَّحًا فِيهِ بِالشَّيْءِ الْمَنْذُورِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُصَرَّحٍ .
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الشَّرْطِ إِذَا كَانَ نَذْرًا بِقُرْبَةٍ ، وَإِنَّمَا صَارُوا لِوُجُوبِ النَّذْرِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) . وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ مَدَحَ بِهِ فَقَالَ : يُوفُونَ بِالنَّذْرِ . وَأَخْبَرَ بِوُقُوعِ الْعِقَابِ بِنَقْضِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ الْآيَةَ ، إِلَى قَوْلِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ النَّذْرِ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ : هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ يَجِبُ النَّذْرُ بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ مَعًا أَوْ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ ؟ فَمَنْ قَالَ بِهِمَا مَعًا إِذَا قَالَ : لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا ; وَلَمْ يَقُلْ : نَذْرًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ بِوُجُوبِ شَيْءٍ لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِجِهَةِ الْوُجُوبِ . وَمَنْ قَالَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اللَّفْظُ قَالَ : يَنْعَقِدُ النَّذْرُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ ( أَعْنِي : أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ النَّذْرِ أَنَّهُ يَلْزَمُ ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ ، لَكِنْ رَأَى أَنَّ حَذْفَ لَفْظِ النَّذْرِ مِنَ الْقَوْلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، إِذْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْأَقَاوِيلِ الَّتِي مَخْرَجُهَا مَخْرَجُ النَّذْرِ النَّذْرَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِلَفْظِ النَّذْرِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ .
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ لَمْ يَرَ لُزُومَ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ عَلَى النَّدْبِ ، وَكَذَلِكَ مَنِ اشْتَرَطَ فِيهِ الرِّضَا ; فَإِنَّمَا اشْتَرَطَهُ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى جِهَةِ الرِّضَا ، لَا عَلَى جِهَةِ اللَّجَاجِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَأَمَّا
مَالِكٌ فَالنَّذْرُ عِنْدَهُ لَازِمٌ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ وَقَعَ ، فَهَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَنْذُورِ بِهَا : فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِ اثْنَتَيْنِ :