المسألة الثانية
[ نذر المشي إلى بيت الله ]
اتفقوا على لزوم ( أعني : إذا نذر المشي راجلا ) ، واختلفوا إذا عجز في بعض الطريق ، فقال قوم : لا شيء عليه . وقال قوم : عليه . النذر بالمشي إلى بيت الله
واختلفوا في ماذا عليه على ثلاثة أقوال :
فذهب أهل المدينة إلى أن عليه أن يمشي مرة أخرى من حيث عجز ، وإن شاء ركب وأجزأه وعليه دم ، وهذا مروي عن علي .
وقال أهل مكة : عليه هدي دون إعادة مشي .
وقال مالك : عليه الأمران جميعا ( يعني : أنه يرجع فيمشي من حيث وجب وعليه هدي ) ، والهدي عنده بدنة أو بقرة أو شاة إن لم يجد بقرة أو بدنة .
وسبب اختلافهم : منازعة الأصول لهذه المسألة ومخالفة الأثر لها . وذلك أن من شبه العاجز إذا مشى مرة ثانية بالمتمتع والقارن من أجل أن القارن فعل ما كان عليه في سفرين في سفر واحد ; وهذا فعل ما كان عليه في سفر واحد في سفرين قال : يجب عليه هدي القارن أو المتمتع .
ومن شبهه بسائر الأفعال التي تنوب عنها في الحج إراقة الدم قال : فيه دم .
ومن أخذ بالآثار الواردة في هذا الباب قال : إذا عجز فلا شيء عليه .
قال أبو عمر : والسنن الواردة الثابتة في هذا الباب دليل على طرح المشقة ، وهو كما قال :
وأحدها : حديث قال : عقبة بن عامر الجهني " خرجه نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله عز وجل فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت لها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لتمش ولتركب مسلم .
[ ص: 350 ] وحديث : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك " وهذا أيضا ثابت . رأى رجلا يهادى بين ابنتيه ، فسأل عنه فقالوا : نذر أن يمشي ، فقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ، وأمره أن يركب