[ المسألة الأولى والثانية ]
[ عدد المقطوع ، ومقداره ]
أما المسألة الأولى فإن المشهور عن مالك في ذلك هو ، وأنه لا يجزئ أقل من ذلك : وقيل عنه : بل الأربعة . وقيل بل الودجان فقط . قطع الودجين والحلقوم
ولم يختلف المذهب في أن الشرط في قطع الودجين هو استيفاؤهما . واختلف في قطع الحلقوم على القول : بوجوبه ، فقيل : كله ، وقيل : أكثره . وأما أبو حنيفة ، فقال : الواجب في التذكية هو قطع ثلاثة غير معينة من الأربعة : إما الحلقوم والودجان ، وإما المريء والحلقوم وأحد الودجين ، أو المريء والودجان . وقال : الواجب قطع المريء والحلقوم فقط . وقال الشافعي محمد بن الحسن : الواجب قطع أكثر كل واحد من الأربعة .
وسبب اختلافهم : أنه لم يأت في ذلك شرط منقول ، وإنما جاء في ذلك أثران : أحدهما : يقتضي إنهار الدم فقط ، والآخر يقتضي قطع الأوداج مع إنهار الدم .
ففي حديث أنه قال عليه الصلاة والسلام : " رافع بن خديج " . وهو حديث متفق على صحته . ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل
وروي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما فرى الأوداج فكلوا ، ما لم يكن رض ناب أو نخر ظفر " .
فظاهر الحديث الأول يقتضي قطع بعض الأوداج ، فقط ، لأن إنهار الدم يكون بذلك ، وفي الثاني قطع جميع الأوداج ، فالحديثان والله أعلم متفقان على قطع الودجين : إما أحدهما ، أو البعض من كليهما ، أو من واحد منهما ، ولذلك وجه الجمع بين الحديثين أن يفهم من لام التعريف في قوله عليه الصلاة والسلام : " ما فرى الأوداج " البعض لا الكل ، إذ كانت لام التعريف في كلام العرب قد تدل على البعض .
وأما فليس له حجة من السماع وأكثر من ذلك من اشترط المريء والحلقوم دون الودجين ، ولهذا ذهب قوم إلى أن الواجب هو قطع ما وقع الإجماع على جوازه ، لأن الذكاة لما كانت شرطا في التحليل ; ولم يكن في ذلك نص فيما يجري وجب أن يكون الواجب في ذلك ما وقع الإجماع على جوازه ، إلا أن يقوم الدليل على جواز الاستثناء من ذلك ، وهو ضعيف ، لأن ما وقع الإجماع على إجزائه ليس يلزم أن يكون شرطا في الصحة . من اشترط قطع الحلقوم والمريء