المسألة الرابعة
[ ] الدم الذي تراه الحامل
اختلف الفقهاء قديما وحديثا هل الدم الذي ترى الحامل هو حيض أم استحاضة ؟ فذهب مالك في أصح قوليه وغيرهما إلى أن الحامل تحيض ; وذهب والشافعي أبو حنيفة وأحمد وغيرهم إلى [ ص: 49 ] أن الحامل لا تحيض ، وأن الدم الظاهر لها دم فساد وعلة ، إلا أن يصيبها الطلق ، فأجمعوا على أنه دم نفاس ، وأن حكمه حكم الحيض في منعه الصلاة وغير ذلك من أحكامه ، والثوري ولمالك وأصحابه في معرفة انتقال الحائض الحامل إذا تمادى بها الدم من حكم الحيض إلى حكم الاستحاضة أقوال مضطربة : أحدها : أن حكمها حكم الحائض نفسها ; ( أعني : إما أن تقعد أكثر أيام الحيض ، ثم هي مستحاضة ، وإما أن تستظهر على أيامها المعتادة بثلاثة أيام ما لم يكن مجموع ذلك أكثر من خمسة عشر يوما ) وقيل : إنها تقعد حائضا ضعف أكثر أيام الحيض ، وقيل : إنها تضعف أكثر أيام الحيض بعدد الشهور التي مرت لها . ففي الشهر الثاني من حملها تضعف أيام أكثر الحيض مرتين ، وفي الثالث ثلاث مرات ، وفي الرابع أربع مرات ، وكذلك ما زادت الأشهر .
وسبب اختلافهم في ذلك : عسر الوقوف على ذلك بالتجربة ، واختلاط الأمرين ، فإنه مرة يكون الدم الذي تراه الحامل دم حيض ، وذلك إذا كانت قوة المرأة وافرة والجنين صغيرا ، وبذلك أمكن أن يكون حمل على حمل على ما حكاه بقراط وجالينوس وسائر الأطباء ، ومرة يكون الدم الذي تراه الحامل لضعف الجنين ومرضه التابع لضعفها ومرضها في الأكثر ، فيكون دم علة ومرض ، وهو في الأكثر دم علة .