المسألة الرابعة .
[ فيمن اصطرف دراهم بدنانير ، ثم وجد فيها درهما زائفا فأراد رده ] .
اختلف العلماء : فقال فيمن اصطرف دراهم بدنانير ، ثم وجد فيها درهما زائفا ، فأراد رده مالك : ينتقض الصرف ، وإن كانت دنانير كثيرة انتقض منها دينارا للدرهم فما فوقه إلى صرف الدينار ، فإن زاد درهم على دينار انتقض منها دينارا آخر ، وهكذا ما بينه وبين أن ينتهي إلى صرف دينار . قال : وإن رضي بالدرهم الزائف لم يبطل من الصرف شيء .
وقال أبو حنيفة : لا يبطل الصرف بالدرهم الزائف ، ويجوز تبديله إلا أن تكون الزيوف نصف الدراهم أو أكثر ، فإن ردها بطل الصرف في المردود .
وقال : إذا رد الزيوف كان مخيرا إن شاء أبدلها أو يكون شريكا له بقدر ذلك في الدنانير ( أعني : لصاحب الدنانير ) . الثوري
وقال أحمد : لا يبطل الصرف بالرد قليلا كان أو كثيرا . وابن وهب من أصحاب مالك يجيز البدل في الصرف ، وهو مبني على أن الغلبة على النظرة في الصرف ليس لها تأثير ، ولا سيما في البعض ، وهو أحسن .
وعن في بطلان الصرف بالزيوف قولان . الشافعي
فيتحصل لفقهاء الأمصار في هذه المسألة أربعة أقوال : قول بإبطال الصرف مطلقا عند الرد . وقول بإثبات الصرف ووجوب البدل . وقول بالفرق بين القليل ، والكثير . وقول بالتخيير بين بدل الزائف أو يكون شريكا له .
وسبب الخلاف في هذا كله : هل الغلبة على التأخير في الصرف مؤثرة فيه ، أو غير مؤثرة ؟ وإن كانت مؤثرة فهل هي مؤثرة في القليل أو في الكثير ؟
وأما وجود النقصان ، فإن المذهب اضطرب فيه ، فمرة قال فيه : إنه إن رضي بالنقصان جاز الصرف ، وإن طلب البدل انتقض الصرف قياسا على الزيوف ، ومرة قال : يبطل الصرف وإن رضي به ، وهو ضعيف .
واختلفوا أيضا إذا قبض بعض الصرف وتأخر بعضه ( أعني : الصرف المنعقد على التناجز ) : فقيل : يبطل الصرف كله ، وبه قال ; وقيل : يبطل منه المتأخر فقط ، وبه قال الشافعي أبو حنيفة ، ومحمد وأبو يوسف ، والقولان في المذهب .
ومبنى الخلاف الخلاف في الصفقة الواحدة يخالطها حرام ، وحلال; هل تبطل الصفقة كلها ، أو الحرام منها فقط ؟